***
وقد يجتمعُ في يوم واحدٍ عيدانِ، كما إذا اجتمعَ يومُ الجمعةِ مع يومِ عرفةَ
أو يومِ النَّحْر، فيزدادُ ذلك اليومُ حُرْمةً وفضلاً، لاجتماع عيدينِ فيه.
وقد كانَ ذلك؛ اجتمعَ للنبيِّ - ﷺ - في حجتِهِ يومَ عرفةَ، فكانَ يومَ جمعةٍ، وفيه نزلتْ هذه الآية ُ: (الْيَوْمَ أَكمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)، وإكمالُ الدِّينِ في ذلك اليومِ حصلَ من وجوهٍ:
منها: أنَّ المسلمينَ لم يكونُوا حجُّوا حجَّة الإسلامِ بعدِ فرضِ الحجِّ قبل
ذلكَ، ولا أحد منهم، هذا قولُ أكثرِ العلماءِ أو كثير منهم، فكمُل بذلك
دينُهم لاستكمالهِم عملَ أركانِ الإسلامِ كلِّها.
ومنها: أنَّ اللَهَ تعالى أعادَ الحجَّ على قواعدِ إبراهيمَ عليه السلامُ، ونفَى
الشرك وأهلَه، فلم يختلطْ بالمسلمينَ في ذلكَ الموقفِ منهم أحد.
قال الشعبيُّ: نزلتْ هذه الآية ُ على النبيِّ - ﷺ - وهو واقف بعرفةَ حين وقفَ موقِفَ
إبراهيمَ، واضمحلَّ الشِّرْكُ، وهُدِّمتْ منارُ الجاهليةِ، ولم يَطُف بالبيتِ
عُريانِ.
وكذا قالَ قتادةُ وغيرُه. وقد قيل: إنه لم ينزلْ بعدَها تحليل ولا تحريم، قاله
أبو بكر بنُ عياشٍ.
وأمَّا إتمامُ النِّعمةِ فإنَّما حصلَ بالمغفرةِ، فلا تَتمُّ النِّعْمةُ بدونها، كما قالَ
لنبيه - ﷺ -: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢).