نزلتْ في يوم عيدينِ: في يومِ جُمعةٍ، ويومِ عرفةَ.
فهذا قد يُؤخذُ منه أنَّ الأعيادَ لا تكونُ بالرأي والاختراع كما يفعلُه أهلُ
الكتابيْنِ من قبلنا، وإنَّما تكونُ بالشرع والاتباع.
فهذه الآية ُ لما تضمنتْ إكمالَ الدِّين وإتمامَ النِّعمة، أنزلَها اللَّهُ في يومٍ شرعَه
عيدًا لهذه الأمة من وجهينِ:
أحدهما: أنه يوم عيدِ الأسبوع، وهو يومُ الجمعةِ.
والثاني: أنَّه يومُ عيدِ أهلِ الموسم، وهوَ يومُ مجمَعِهم الأكبرِ وموقفهم
الأعظم.
وقد قيل: إنَّه يومُ الحجِّ الاكبرِ.
وقد جاء تسميتُه عيدًا في حديثٍ مرفوع خرَّجه أهلُ "السنن" من
حديثِ عقبةَ بن عامرٍ، عن النبيِّ - ﷺ - قال: "يومُ عرفةَ، ويومُ النَّحْرِ، وأيامُ التشريقِ، عيدُنا أهلَ الإسلامِ، وهي أيامُ أكلٍ وشرب ".
وقد أُشكلَ وجهُهُ على كثيرٍ من العلماءِ، لأنَّه يدلُّ على أنَّ يومَ عرفةَ يومُ
عيدٍ لا يصامُ، كما رُوي ذلك عن بعضِ المتقدِّمينَ.
وحملَهُ بعضُهم على أهلِ الموقفِ.
وهو الأصحُ، لأنَّه اليومُ الذي فيه أعظمُ مجامِعِهم، ومواقفِهم، بخلافِ
أهلِ الأمصارِ فإنَّ يومَ اجتماعهم يوم النحرِ، وأمَّا أيامُ التشريقِ فيشاركُ أهلُ
الأمصارِ أهلَ الموسم فيها؛ لأنها أيامُ ضحاياهم وأكلهم من نسكِهِم، هذا قولُ جمهورِ العلماءِ.


الصفحة التالية
Icon