وكذلك استدلَّ بهذا الدليلِ مكْحُولٌ وأحمدُ وغيرُهما من الأئمةِ، وقالُوا:
إنَّ القطعَ يكونُ من الرُّسْغ، فكذلك التيممُ.
والرسغُ: هو مَفْصل الكفِّ، وله طرفانِ هما عظمانِ، فالذي يلِي الإبهامَ
كوعٌ، والذي يلي الخِنْصرَ كُرسُوعٌ.
ومضمون هذا الاستدلال: أن اليدَ إذا أُطلقتْ انصرفتْ إلى الرُّ سغْ، وإن
قيّدت بموْضِع تقيدتْ به، فلما قيدتْ بالمرفقين في الوضوءِ وجبَ غَسْلُ
الذراعينِ إلى المرفقين، ولما أُطلقتْ في التيمم وجبَ إيصالُ الترابِ إلى
الرسغ، كما تُقطع يدُ السارقِ ويدُ المحاربِ منه.
وكذا قالَ الأوزاعيُّ: التيممُ ضربةٌ للوجهِ والكفينِ إلى الكُوعينِ.
وكذلك نص إسحاقُ على أنَّ التيممَ يبلغ إلى الرسغ، وخطَّأ من قال: لا
يُجزئ ذلك. وقال: الصحيحُ عن النبيِّ - ﷺ - المعروفُ المشهورُ الذي يرويه الثقة عن الثقة بالأخبارِ الصحيحةِ: أنَّ النبيَّ - ﷺ - علَّم عمَّارَ بنَ ياسرٍ التيممَ للوجهِ والكفينِ، قال: وعلى ذلكَ كان عليٌّ بنُ أبي طالبٍ، وعبدُ اللَّهِ بن عباسٍ، والشعبيُّ، وعطاءٌ، ومجاهدٌ، ومكحُولٌ وغيرُهم، فلا يجوزُ لأحد أن يدَّعي على هؤلاء أنهم لم يعرِفُوا التيممَ.
قال: ولو قالُوا: الذراعين أحبُّ إلينا اختيارًا لكان أشْبَهُ.
وروى حرْبٌ بإسنادِهِ، عن زائدة، عن حُصينِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبي
مالكٍ، عن عمَّارٍ، أنه غَمَس باطنَ كفَّيْه بالترابِ، ثم نفخ يدَه، ثم مسح
وجهَهُ ويديه إلى المفْصلِ.
وبإسنادِهِ: عن عبدِ العزيزِ بن أبي رَوَّادٍ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، قالَ:


الصفحة التالية
Icon