ومنها: أن يَقتُلَ المسلمُ كافرًا، فإن كان حربيًّا لم يقتلْ به بغير خلافِ، لأنَّ
قتل الحربيِّ مباحٌ بلا ريب، وإن كان ذميًّا أو معاهدًا، فالجمهورُ على أنَّه لا
يقتلُ بهِ - أيضًا، وفي "صحيح البخاريِّ " عن علي عن النبيِّ - ﷺ - قال:
"لا يقتلُ مسلمٌ بكافرٍ".
وقال أبو حنيفةَ وجماعةٌ من فقهاءِ الكوفيين: يُقتلُ به، وقد روى ربيعةُ عن
ابن البيلماني عن النبيِّ - ﷺ - أنه قتلَ رجلاً من أهلِ القبلةِ برجلٍ من أهلِ الذمَّة، وقال: "أنا أحقّ من وفَّى بذمَّته "
وهذا مرسل ضعيف قد ضعَّفه الإمامُ أحمدُ، وأبو عبيد، وإبراهيمُ الحربيُّ، والجوزجانيُّ، وابنُ المنذرِ والدارقطنيُّ.
وقال: ابن البيلمانيّ: ضعيف لا تقومُ به حجة إذا وصلَ الحديثَ، فكيف بما
يرسلُه؛ وقال الجوزجاني: إنَّما أخذه ربيعةُ عن إبراهيمَ بن أبي يحيى عن ابنِ
المنكدرِ عن ابن البيلمانيِّ، وابنِ أبي يحيى متروك الحديثِ.
وفي "مراسيلِ أبي داودَ" حديثٌ آخرُ مرسلٌ أن النبيَّ - ﷺ - قتلَ يومَ خيبر مسلمًا بكافرٍ قتله غيلةً، وقال: "أنا أوْلى وأحقّ من وفَّي بذمَّتِهِ ".
وهذا مذهبُ مالكٍ وأهلِ المدينةِ أن القتلَ غيلة لا تُشرط له المكافأة، فيُقْتَلُ فيه المسلمُ بالكافرِ، وعلى هذا حملُوا حديثَ ابنِ البيلمانيِّ أيضًا على تقدير صحَّته.
ومنها: أن يقتلَ الرجلُ امرأةً فيُقتل بها بغيرِ خلاف، وفي كتابِ عمرِو بنِ
حزمٍ عن النبيِّ - ﷺ - أنَّ الرجُلَ يقتلُ بالمرأةِ.
وصحَّ أنَّه - ﷺ - قتل يهوديًا قتلَ جارية ".


الصفحة التالية
Icon