وهو داخلٌ في قولِهِ تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) الآية.
ولكنَّ علمَ الساعةِ مما اختصَّ اللَّهُ به، ولم يطلعْ عليه غيرَه، كما تقدَّمَ في
حديثِ سؤالِ جبريلَ للنبيِّ - ﷺ -.
وكذلك جملةُ العلم بما في غَد.
وقد قالتْ جاريةٌ بحضرتِهِ - ﷺ -:
وفينا نبيٌّ يعلمُ في ما غَدِ، فنهاها النبيُّ - ﷺ - عن قولِ ذلك.
وقد خرَّجه البخاريُّ في "النكاح ".
وأما العلمُ بما في الأرحامِ، فينفردُ اللَّهُ تعالى بعلمِهِ، قبلَ أن يأمرَ ملكَ
الأرحامِ بتخليقِه وكتابتِهِ، ثم بعد ذلك قد يُطلعُ اللَهُ عليه من يشاءُ من خلقِهِ، كما أطلَعَ عليه ملكَ الأرحامِ.
فإن كان من الرسلِ فإنَه يطلعُ عليه علمًا يقينًا، وإن كان من غيرِهم مِنَ
الصدِّيقينَ والصالحينَ، فقد يطلعُه اللَّهُ تعالى عليه ظاهرًا.
كما روى الزهريُّ، عن عروةَ، عن عائشةَ، أنَّ أبا بكرٍ لما حضرتُه الوفاةُ
قال لها - في كلامٍ ذكرَهُ -: إنما هو أخواكِ وأختاكِ.
قالتْ: فقلتُ هذا أخواي، فمن أختاي؟
قال: ذو بطنٍ ابنةُ خارجة، فإني أظنُّها جارية.
ورواه هشامٌ، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالتْ له عند ذلك: إنما هي
أسماءُ؟
فقالَ: وذاتُ بطنٍ بنتُ خارجةَ، أظنُّها جاريةً.
ورواه هشامٌ، عن أبيه: قد أُلْقِيَ في رُوعِي أنَّها جاريةٌ، فاستوصي بها
خيرًا، فولدتْ أمَ كُلثومٍ.