وقال سعيدُ بنُ بشيرٍ، عن قتادةَ: إن في الجنةِ كوى إلى النارِ فيطلعُ أهلُ
الجنةِ من تلكَ الكُوى إلى النارِ، فيقولونَ: ما بالُ الأشقياءِ، وإنما دخلنا الجنةَ
بفضلِ تأديبِكُم؛ فقالُوا: إنا كنَّا نأمرُكُم ولا نأتمرُ، وننهاكُم ولا ننتَهِي.
وقال معمرٌ عن قتادةَ: قالَ كعبٌ: إنَّ بينَ أهلِ النارِ وأهلِ الجنةِ كُوى لا
يشاءُ رجلٌ من أهلِ الجنةِ أن ينظرَ إلى عدوّه من أهلِ النارِ إلا فَعَلَ.
وقال أحمدُ بنُ أبي الحواري: حدثنا عبدُ اللَّهِ بن غياث عن الفزاريِّ، قالَ:
لكلِّ مؤمنٍ في الجنةِ أربعةُ أبوابٍ باب يدخلُ عليه زوَّارر من الملائكةِ، وبابٌ
يدخلُ عليه أزواجُهُ من الحورِ العين، وباب مقفل فيما بينه وبينَ أهلِ النارِ
يفتحُهُ إذا شاءَ أن ينظر إليهم لتعظم النِّعمةُ عليه، وباب فيما بينه وبين دارِ
السلامِ يدخلُ فيه على ربِّه إذا شاء.
وخرَّج ابنُ أبي حاتم بإسنادِهِ عن الضحاكِ في قولِهِ تعالى: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الأَرَائِكِ) من الدر والياقوتِ (يَنظُرُون)
، يعني: على السررِ ينظرونَ، كان ابنُ عباسٍ يقولُ: السررُ
بين الجنةِ والنارِ، فيفتحُ أهلُ الجنةِ الأبوابَ فينظرونَ على السررِ إلى أهلِ النارِ
كيفَ يعذبونَ ويضحكونَ منهم، ويكون ذلك مما يقر اللَّهُ به أعينَهُم أن ينظروا إلى عدوِّهم كيفَ ينتقمُ اللَهُ منهُ.
وخرَّج البيهقيُّ وغيرُه من حديثِ عليِّ بنِ أبي سارةَ عن ثابتٍ، عن أنسٍ
عن النبيِّ - ﷺ -:
"أن رجلاً من أهل الجنةِ يشرفُ يومَ القيامةِ على أهلِ النارِ، فيناديه
رجلٌ من أهلِ النارِ: يا فلانُ هل تعرفُني؛ فيقولُ: لا، واللهِ لا أعرفُك من أنتَ؟ فيقولُ: أنا الذي مررتَ بي في دارِ الدنيا فاستسقيتني شربةَ ماء فأسقيتُك، قال: قد عرفتُ،