ومحبةُ اللَّهِ سبحانه وتعالى على درجتينِ:
إحداهُما: فرضٌ لازِم: وهي أنْ يحبَّ اللَّه سبحانَهُ محبةً توجب لَهُ، محبةَ
ما فرضَهُ اللَّهُ عليه، وبغضَ ما حرَّمه عليه، ومحبةً لرسولِهِ المبلغ عنه أمرَهُ
ونهيَهُ، وتقديمَ محبتِهِ على النفوسِ والأهلينَ أيضًا كما سبقَ، والرِّضا بما بلَّغَهُ
عن اللَّهِ من الدّينِ وتلقِّي ذلك بالرضا والتسليم، ومحبةَ الأنبياءِ والرسل
والمتبعينَ لهم بإحسانٍ جملةً وعمومًا للَّه عزَّ وجلَّ، وبغضَ الكفارِ الفجارِ
جملةً وعمومًا للَّه عزَّ وجلَّ، وهذا القدرُ لابُدَّ منه في تمامِ الإيمان الواجبِ.
ومن أخَلَّ بشيءٍ منه فقدْ نقَصَ من إيمانِهِ الواجبِ بحسبِ ذلك.
قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، وكذلك ينقُصُ من محبتِهِ الواجبةِ بحسبِ ما أخَلَّ به من ذلكَ، فإنَّ المحبةَ الواجبةَ تقتضِي فِعلَ الواجباتِ وتركَ المحرَّماتِ.
وخرَّج أبو نُعيمٍ من حديثِ عمرَ بنِ الخطابِ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ النبيَّ - ﷺ - يقولُ: "إنَّ سالمًا" - يعني موْلَى أبي حذيفةَ - "شَدِيدَ الحبِّ للَّه لوْ كان لا يخافُ اللَّهَ ما عصاهُ "
يُشيرُ إلى أنَّ محبَّةَ اللَّه تمْنَعُهُ منْ أن يعصِيهُ، وذكرَ أبو عبيدٍ في
"غريبِهِ " أنَّ عمرَ قال: "نعمَ العبدُ صهيبٍ لو لم يخَفِ اللَّهَ لم يعْصِهِ ".
قال الحسنُ بنُ آدمَ: "أحبَّ اللَّهَ يحبَّك اللَّهُ، واعلمْ أنك لن تحبَّ اللَّه حتى
تحبَّ طاعتَهَ ".
وقال عبدُ اللَّهِ بنُ حنيفٍ: قال رجلٌ لرابعةَ: إني أحبُّك في الله، قالتْ: