في كلِّهنَّ، ثم اختصَّ مِنْ ذلك أربعةَ أشهُر، فجعلهنَّ
حرمًا، وعظَّمَ حُرماتهن، وجعل الذنبَ فيهنَّ أعظمَ، والعملَ الصالحَ والأجرَ
أعظم.
وقال قتادةُ في هذه الآية: اعلمُوا أن الظلمَ في الأشهرِ الحُرُم أعظمُ خطيئةً
ووزرًا فيما سوى ذلك، وإن كان الظلمُ في كلّ حال غيرَ طائل، ولكنَّ اللَّهَ
تعالى يُعظِّم من أمرِهِ، ما يشاءُ ربُّنا تعالى.
وقد رُوي في حديثينِ مرفوعينِ أن السيئات تُضاعفُ في رمضانَ، ولكن
إسنادهُما لا يصحُّ.
* * *
خرَّجا في "الصحيحينِ " من حديث أبي بكرةَ أن النبيَّ - ﷺ - خطبَ في حجَّةِ الوداع، فقالَ في خطبته:
"إن الزمانَ قد اسْتَدارَ كهيئتِهِ يومَ خلقَ اللَّه السماواتِ والأرضِ، السنةُ اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعة حرمٌ: ثلاثةٌ متوالياتٌ: ذو القعْدةِ
وذو الحجَّةِ، والمحرَّمُ، ورجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادى وشعبانَ "
وذكر الحديثَ.
قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).
فأخبر سبحانه أنَّه مُنذُ خلقَ السماواتِ والأرضَ وخلقَ الليلَ والنَّهارَ
يدُورانِ في الفلكَ وخلقَ ما في السماءِ من الشَّمسِ والقمرِ والنُّجومِ، وجعلَ