فيه كهيئتِهِ، فقالت طائفة: إنَّما عادَ على وجهه في حجَّةِ الوداع، وأما حجةُ
أبي بكر الصديقِ - رضي الله عنه -، فكانت قد وقعت في ذي القعدةِ.
هذا قولُ مجاهدٍ وعكرمةَ بن خالد وغيرهِما.
وقيل: إنَّه اجْتَمَعَ في ذلك العامِ حجُّ الأممِ كلِّها
في وقتٍ واحدٍ، فلذلك سُمِّيَ يومَ الحجِّ الأكبرِ.
وقالتْ طائفةٌ: بل وقعَتْ حجَّةُ الصِّدِّيقِ في ذي الحجةِ، قالهُ الإمامُ أحمدُ.
وأنكرَ قولَ مجاهدٍ، واستدلَّ بأنَّ النبيَّ - ﷺ - أمرَ عليًّا فنادى يوم النَّحْرِ: "لا يحجّ بعد العامِ مشرِك"
وفي روايةٍ: "واليومُ يومُ الحَجِّ الأكبرِ" وقد قالَ اللَّهُ تعالى:
(وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)، فسمَّاهُ يومَ الحجِّ الأكبرِ، وهذا يدُلُّ على أنَّ النِّداءَ وقَعَ في ذي الحجَةِ.
وخرَّج الطبراني في "أوسطِه " من حديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ، عن أبيه.
عن جدِّه قال: كان العربُ يُحِلُّون عامًا شهرًا، وعامًا شهرين، ولا يُصيبون
الحجَّ إلا في كلِّ ستةٍ وعشرين سنة مرةً واحدةً، وهو النَّسيءُ الذي ذكرَهُ اللَّهُ
في كتابه، فلما كان عام حَجَّ أبو بكر الصديقُ بالناس، وافَقَ في ذلك العامِ
الحجَّ، فسمَّاه اللَّهُ يوم الحج الأكبر.
ثم حجَّ النبيُّ - ﷺ - في العامِ المُقْبلِ، فاستقبَلَ النَّاسُ الأهلَّةَ، فقال رسولُ اللَّهِ - ﷺ -:
"إنَّ الزمانَ قد اسْتدارَ كهيئتِهِ يومَ خلقَ الله السماوات والأرضَ "
وقيل: بل اسْتدارَةُ الزَّمانِ كهيئتِهِ كانَ من عام الفتح.
وخرَّج البزارُ في "مسندهِ " من حديث سُمرةَ بن جُنْدَب أنَّ رسولَ اللهِ - ﷺ -


الصفحة التالية
Icon