وقد رُوِي: "أحِلُّوا حلاَلَها وحرِّمُوا حرامَهَا ".
وقيل: ليس فيها منسوخ. وفي "المسندِ" أنَّ عائشةَ - رضي الله عنها -، قالتْ: "هي آخرُ سورةٍ نزلتْ، فما وجدتُم فيها من حلالٍ فاسْتحِلُّوه، وما وجدتم فيها من حرامٍ فحرمُوه "
وروى الإمامُ أحمدُ في "مسندهِ ": حدثنا إسحاقُ بن عيسى.
حدثنا ليثُ بنُ سعدٍ، عن أبي الزُّبير، عن جابرٍ، قال: لم يكن رسولُ اللَّهِ
- ﷺ - يَغْزُو في الشَّهرِ الحرامِ إلا أنْ يُغْزَى ويَغزو فإذا حضرَهُ أقامَ حتَّى ينسلخَ.
وذكر بعضُهم أنَّ النبيَّ - ﷺ - حاصرَ الطائفَ في شوَّالٍ، فلمَّا دخلَ ذو القعدةِ لم يُقاتِلْ، بل صابرَهُم، ثم رجعَ.
وكذلك في عمرةِ الحديبية لم يُقاتِلْ، حتّى بلغه أنَّ عثمانَ قُتِلَ، فبايَعَ على القتالِ، ثم لمَّا بلغَه أنَّ ذلك لا حقيقةَ له كفَّ.
واستدلَّ الجمهورُ بأن الصحابةَ اشتغلُوا بعدَ النبي - ﷺ - بفتح البلادِ، ومواصلةِ القتالِ والجهادِ، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم أنَّه توقَّف عن
القتالِ، وهو طالبٌ له في شيءٍ من الأشهرِ الحُرُم، وهذا يدُلُّ على اجتماعهم
على نسخ ذلك، واللَّهُ أعلمُ.
ومن عجائب الأشهرِ الحُرُمِ ما رُوي عن عبدِ اللَّهِ بن عمرِو بن العاصِ: أنَّه
ذكر عجائبَ الدنيا، فعدَّ منها بأرضِ عادٍ عمودَ نُحاسٍ، عليه شجرةٌ من
نحاسٍ، فإذا كان في الأشهرِ الحُرُم قطرَ منها الماءُ، فملؤوا منه حياضَهم.
وسَقَوْا مواشيهم وزروعَهم، فإذا ذهب الأشهرُ الحرمُ انقطَعَ الماءُ.
وقولُهُ - ﷺ -: "ورجبُ مُضَر" سُمِّي رجبٌ رجبًا، لأنه كان يُرجَّبُ، أي يُعظَّمُ، كذا قال الأصمعي، والمفضَّلُ، والفرَّاءُ، وقيلَ: لأنَّ الملائكةَ تترجَّب


الصفحة التالية
Icon