وقال: " لا تلبَسوا الحريرَ ولا الدِّيباجَ، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضَّةِ، ولا تأكلُوا في صحافِها، فإنَّها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرةِ".
وقال وهبٌ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قال لموسى - عليه السلامُ -: إنِّي لأذودُ
أوليائِي عن نعيم الدُّنيا ورخائِها كما يذودُ الرَّاعِي الشفيقُ إبِلَه عن مباركِ
العُرَّةِ، وما ذلكَ لهوانِهِم عليَّ، ولكن ليستكملُوا نصيبَهُم من كرامتِي سالمًا
موفرًا لم تكْلَمْهُ الدنيا.
ويشهد لهذا ما خرَّجه الترمذيُّ عن قتادةَ بنِ النُّعمانِ، عنِ النبيِّ - ﷺ - قال:
"إن اللَّهَ إذا أحبَّ عبدًا حماهُ الدَّنيا، كما يَظَلُّ أحدُكُم يحمي سقيمَه الماءَ".
وخرَّجه الحاكمُ، ولفظُهُ: "إنَّ الله ليحمي عبدَهُ الدُّنيا وهو يحبُّه، كما تحمُونَ
مريضَكم الطعامَ والشرابَ، تخافونَ عليه ".
وفي "صحيح مسلم " عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو عنِ النبيِّ - ﷺ -، قال: "الدنيا سجنُ المؤمنِ وجنَّةُ الكافرِ".
وأمَّا السَّابقُ بالخيراتِ بإذنِ اللَّهِ: فهم الذين فهِمُوا المرادَ من الدنيا، وعمِلُوا
بمقتضى ذلكَ، فعلِمُوا أنَّ اللَّهَ إنَّما أسكَنَ عبادَهُ في هذه الدَّارِ، ليبلُوهم أيُّهم
أحسنُ عملاً، كما قال: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)،