بأذًى من الجنِّ والإنسِ، كما قالَ تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخرَجًا).
قالتْ عائشةُ - رضي الله عنها -: يكفيه غمَّ الدنيا وهمَّها.
وقال الربيعُ بنُ خثيم: يجعلُ له مخرجًا من كل ما ضاقَ على الناسِ.
وكتبتْ عائشةُ - رضي الله عنها - إلى معاويةَ: إن اتقيتَ اللَّه كفاكَ الناسَ، وإن اتقيتَ الناسَ لم يغنوا عنكَ من اللهِ شيئًا.
وكتبَ بعضُ الخلفاءِ إلى الحكمِ بنِ عمرٍو الغفاريِّ كتابًا يأمره فيه بأمرٍ
يخالفُ كتابَ اللَّهِ، فكتبَ إليه الحكمُ: إني نظرتُ في كتابِ اللَّهِ فوجدتُهُ قبلَ
كتابِ أميرِ المؤمنينَ، وإن السماواتِ والأرضَ لو كانتا رتقًا على امرئٍ فاتَّقى
اللَّهَ عزَّ وجلَّ، جعلَ لهُ منهما مخْرجًا. والسلامُ.
وأنشدَ بعضُهُم:
بتقوى الإلهِ نجا من نجَا... وفازَ وصارَ إلى ما رجَا
ومن يتقِّ اللَّهِ يجعلْ له... كما قالَ من أمره مخرجَا
كتبَ بعضُ السلفِ إلى أخيه: أما بعدُ، فإنه من اتَّقى اللَّهَ حفظَ نفسَهُ.
ومن ضيعَ تقواه فقدْ ضيَّع نفسَهُ، واللَّهُ الغنيُّ عنه.
ومن عجيبِ حفظِ اللَّهِ تعالى لمن حفظَهُ: أن يجعلَ الحيواناتِ المؤذيةَ بالطبع
حافظةً له من الأذى وساعيةً في مصالحِهِ، كما جرى لسفينةَ مولى النبيِّ - ﷺ - حيثُ كسرَ به المركبُ وخرجَ إلى جزيرةِ فرأى السبعَ، فقالَ: يا أبا الحارثِ أنا سفينةُ مولى النبيِّ - ﷺ -، فجعلَ يمشي حوله ويدله على الطريقِ حتى أوقفَهُ عليها، ثم جعلَ يُهَمْهِم كأنَّه يودِّعُه وانصرفَ عنه.