أو من المسائلِ العلميةِ، سواء كانتْ من أعمالِ القلوبِ، كالمحبةِ.
والخوفِ، وا لرجاءِ، والتوكلِّ، والزهدِ، والتوبةِ، والشكرِ، والصبرِ، ونحوِ ذلك، وإنْ كان يكون لبعضِهِم في نوع من هذه الأنواع من مزيدِ العلم، والمعرفةِ، والحالِ ما ليسَ له في غيرِه مثلُه.
كما كانَ يُقالُ في أئمةِ التابعينَ الأربعةِ: سعيدُ بنُ المسيبِ: إمامُ أهل
المدينةِ. وعطاءُ بنُ أبي رباح: إمامُ أهلِ مكةَ. وإبراهيمُ النخعيُّ: إمامُ أهلِ
الكوفةِ. والحسنُ البصريُّ: إمامُ أهلِ البصرةِ.
كان يقالُ أعلمُهُم بالحلالِ والحرامِ: سعيدُ بنُ المسيبِ، وأعلمُهُم بالمناسك:
عطاء، وأعلمُهم بالصلاةِ: إبراهيمُ، وأجمعُهُم: الحسنُ.
وكان أهلُ الدرايةِ والفهم من العلماءِ إذا اجتمعَ عندَ الواحدِ منهم من
ألفاظِ الكتابِ والسنةِ، ومعانيها، وكلامِ الصحابةِ والتابعينَ مابَسَّره اللَّهُ له.
جعلَ ذلك أصُولاً، وقواعدَ يبني عليها، ويستنبطُ منها، فإنَّ اللَّهَ تعالى أنزلَ
الكتابَ بالحقِّ والميزانِ، والكتابُ فيه كلمات كبيرة، هي قواعدُ كليُّة وقضايا عامَّة، تشملُ أنواعًا عديدةً، وجزئياتٍ كثيرةٍ، ولا يهتدي كلُّ أحد إلى دخولِها تحتَ تلكَ الكلماتِ، بل ذلك من الفهم الذي يؤتيه اللَّهُ من يشاءُ في كتابِهِ.
وأمَّا الميزانُ فهوَ الاعتبارُ الصحيحُ، وهو من العدلِ والقسطِ، الذي أمر اللَّهُ
بالقيامِ بهِ كالجمع بين المتماثلينِ لاشتراكهمَا في الأوصافِ، الموجبةِ للجمع
والتفريقِ بين المختلفينِ لاختلافِهِمَا في الأوصافِ الموجبةِ للفرقِ، وكثيرًا ما
يخفى وجهُ الاجتماع والافتراقِ ويدقُ فهْمُهُ.


الصفحة التالية
Icon