ممن لم يرسخ الإيمانُ في قلبِهِ ارتدَّ بسببِ ذلك حتى ماتَ مُرتدا.
هذا كلُّه في عهدِ النبيِّ - ﷺ - فكيفَ الظنُّ بالأُمَّةِ بعده أنْ لو بقيَ الاختلافُ في ألفاظِ القرآنِ بينَهُم.
فلهذا تركَ جمهورُ علماءِ الأمةِ القراءةَ بما عدا هذا الحرفِ الذي جمعَ عثمانُ
عليه المسلمينَ، ونهَوا عن ذلك. ورخَّص فيه نفرٌ منهُم، وحُكيَ روايةً عن
أحمدَ ومالكٍ مع اختلافٍ عنهُما على ذلكَ به في الصلاةِ وغيرِها أم خارج
الصلاةِ فقط.
وبكلِّ حالٍ: فلا تختلفُ الأمَّةُ أنَّه لو قرأَ أحد بقراءةِ ابنِ مسعودٍ، ونحوِها
مما يخالفُ هذا المصحفُ المجتمعُ عليه، وادَّعى أنَّ ذلكَ الحرفَ الذي قرأ به
هوَ حرفُ زيدِ بنِ ثابتٍ الذي جمعَ عليه عثمانُ الأُمَّةَ، أو أنَّه أولى بالقراءةِ
من حرفِ زيدٍ: لكانَ ظالمًا مُتعديًا مُستحقا للعقوبةِ.
وهذا لا يختلفُ فيه اثنانِ من المسلمينَ.
إنَّما محلُّ الخلافِ: إذا قرأ بحرفِ ابنِ مسعودٍ ونحوِه مع اعترافِهِ أنَّه حرفُ
ابنِ مسعودٍ المخالفُ لمصحفِ عثمانَ - رضي الله عنه -.
وأما سنَّةُ النبيِّ - ﷺ -: فإنّها كانتْ في الأمَّةِ تُحفظ في الصدورِ كما يُحفظ القرآنُ، وكان مِن العلماءِ من يكتُبها كالمصحفِ، ومنهُم من ينهى عن كتابتِها.
ولا ريبَ أنَّ الناسَ يتفاوتونَ في الحفظِ والضبطِ تفاوتًا كثيرًا.
ثمَّ حدثَ بعد عصرِ الصحابةِ قوم من أهلِ البدع والضلالِ، أدخلوا في
الدِّينِ ما ليسَ منه وتعمَّدوا الكذبَ على النبيِّ - ﷺ -.


الصفحة التالية
Icon