بالصلاةِ من جهة مكانِها، فهو كالنهيِّ عن الصلاةِ المختصِّ بها لزمانِها
كالصلاةِ في أوقاتِ النهي، وكالصيامِ المنهي عنه لأجلِ زمنِهِ المختصِّ به كصيامِ العيدين.
حتى إن من أصحابِنا من قال: متى قُلنا: النهيُّ عن الصلاةِ في المقبرةِ
والأعطانِ ونحوِها للتحريمِ، فلا ينبغي أن يكونَ في بطلان الصلاةِ فيها
خلافٌ عن أحمدَ، وإنَّما الخلافُ عنه في عدمِ البطلانِ مبني على القول بأنه
مكروهٌ كراهةُ تنزيهٍ.
وأكثرُ العلماءِ على أن الكراهةَ في ذلكَ كراهةُ تنزيهٍ، ومنهُم من رخَّص
فيه.
قال ابنُ المنذرِ: اختلفُوا في الصلاةِ في المقبرةِ، فرُوِّينا عن عليٍّ وابنِ عباسٍ
وعبدِ اللَّهِ بنِ عمرو وعطاء والنخعي أنهم كرهُوا الصلاةَ فيها، واختلفَ عن
مالكٍ فيه، فحكى ابنُ القاسم عنه أنه قال: لا بأسَ به، وحكَى أبو مصعبٍ
عنه أنه قال: لا أحبُّ ذلكَ.
قال ابنُ المنذرِ: ونحنُ نكرهُ من ذلكَ ما كرههُ أهلُ العلم استدلالاً بالثابتِ
عن النبيِّ - ﷺ -، أنّه قال:
"اجعلُوا في بيوتِكُم من صلاتِكُم، ولاتتخذُوها قبورًا".
ففي هذا دليلٌ على أنَّ المقبرةَ ليستَ بموضع للصلاةِ.
قلتُ: قد استدل البخاريُّ بذلكَ - أيضًا - وعقدَ له بابًا مفردًا، وسيأتي في
موضعِهِ - إن شاء اللَّه تعالى.
قالَ ابنُ المنذرِ: وقد قال نافعٌ مولى ابنِ عمرَ: صلينا على عائشةَ وأمِّ سلمةَ