هذا الحديثُ يدلُّ على تحريمِ بناءِ المساجدِ على قبورِ الصالحينَ، وتصويرِ
صورِهم فيها كما يفعلُهُ النصارَى، ولا ريبَ أنَّ كلَّ واحدٍ منهما محرم على
انفراده: فتصويرُ صورِ الآدميينَ محرم، وبناءُ القبورِ على المساجدِ بانفرادِهِ
محرم، كما دلتْ عليه نصوصٌ أُخرُ يأتِي ذكرُ بعضِها.
وقد خرَّج البخاريُّ في "تفسيرِ سورةِ نوح " من "كتابِهِ " هذا من حديثِ
ابنِ جريرٍ، فقالَ: عطاء، عن ابنِ عباسٍ: صارتِ الأوثانُ التي كانت في قومِ
نوحٍ في العربِ تُعْبد، أما "ودّ": كانت لكلبٍ بدومَةِ الجندَلِ، وأمَّا، "سُواع": كانت لهذيلٍ، وأما "يَغُوثُ ": فكانت لمرادٍ، ثم لبني غُطيف بالجرفِ عند سبإٍ، وأمَّا "يعُوقُ ": فكانتْ لهمدانَ، وأمَّا "نسْر": فكانت لحِمْيَر لاآل ذي الكلاع: أسماء رجال صالحينَ من قومِ نوحٍ، فلما هلكُوا أوحى الشيطانُ إلى قومِهِم أن انصبُوا إلى مجالسِهِم التي كانُوا يجلسَون أنصابًا، وسمُّوها بأسمائِهِم، ففعلُوا، فلم تُعبد، حتى إذا هلكَ أولئك ونُسخَ العلمُ عُبِدتْ.
وقد ذكرَ الإسماعيليُّ: أن عطاءً هذا هو الخراسانيُّ، الخراسانيُ لم يسمعْ
من ابنِ عباسٍ. واللَّه أعلمُ.
فإن اجتمعَ بناءُ المسجدِ على القبورِ ونحوِها من آثارِ الصالحينَ مع تصويرِ
صورِهِم، فلا شكَّ في تحريمِهِ، سواءٌ كانتْ صورًا مجسدةً كالأصنامِ أو على
حائطٍ ونحوِه، كما يفعلُه النصارى في كنائسهم، والتصاويرُ التي في الكنيسةِ
التي ذكرتها أمُّ حبيبة وأمُّ سلمة أنهما رأتاها بالحبشة كانتْ على الحيطانِ


الصفحة التالية
Icon