ورَوى أبو إسحاقَ عن أبي ميسرةَ: أنه كان إذا أوى إلى فراشِهِ، قالَ: يا
ليتَ أمي لم تلدْني، فقالتْ له امرأتُهُ: يا أبا ميسرةَ إنَّ اللَّهَ قد أحسنَ إليكَ
هداكَ للإسلامِ، قالَ: أجل، إنَّ اللَّهَ يبيِّنُ لنا أنَّا واردُو النار ولم يبيِّنْ أنَا
صادرونَ منها.
وروينا من طريقِ سفيانَ بنِ حسينٍ عن الحسنِ، قال: كان أصحابُ
رسولِ اللَّهِ - ﷺ - إذا التقوْا يقولُ الرجلُ منهم لصاحبِهِ: هل أتاكَ أنَّكَ واردٌ النارَ؟
فيقولُ: نعم، فيقولُ: هل أتاكَ أنَّك خارجٌ منها؟
فيقولُ: لا، فيقولُ: ففيم الضحكُ إذًا؟!
وقالَ ابنُ عيينةَ عن رجلٍ عن الحسنِ، قالَ رجلٌ لأخِيه: يا أخي هل أتاكَ
أنَّكَ واردٌ النارَ؟
قال: نعم، قال: هل أتاكَ أنَّك خارج منها؟
قالَ: لا، قالَ: ففيم الضحكُ إذًا؟
قالَ: فما رُئي ضاحكًا حتى ماتَ.
وقال الإمامُ أحمدُ: حدثنا هاشمُ بنُ القاسم، حدثنا المباركُ بنُ فضالةَ، عن
الحسنِ في قولِهِ عزَ وجل: (وَإِن مِّنكُم إِلَّا وَارِدُهَا)
قال: قالَ رجل لأخِيه: فقدْ جاءكَ عن اللَّه أنَّك واردٌ جهنم؟
قال: نعم، قالَ: فأيقنتَ بالورودِ؟
قال: نعم، قال: فأيقنتَ وصدَّقتَ بذلكَ؟
قال: نعم، وكيفَ لا أصدِّقُ وقد قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كانَ عَلَى رَبِّكَ حَتما مَّقْضِيًّا)
قال: فأيقنتَ أنك صادرٌ عنها؟
قالَ: واللَّهِ ما أدري أأصدُر عنها أم لا؟
قالَ: ففيم التثاقُل؛، وفيم الضحكُ؟، وفيمَ اللعبُ؟
قال أحمدُ: وحدثنا خلفُ بنُ الوليدِ، حدثنا المباركُ، قال: سمعتُ الحسنَ
يقولُ: لا - واللَّهِ - إنْ أصبحَ فيها مؤمن إلا حزينًا، وكيف لا يحزن المؤمنُ،