ومما يستدلُّ به على أنَّ الورودَ ليسَ هو الدخولُ:
ما خرَّجه مسلمٌ من حديثِ أبي الزبير عن جابرٍ، قال: أخبرتْنِي أمُّ بشرٍ أنها سمعتِ النبي - ﷺ - يقولُ عند حفصةَ:
"لا يدخلُ النارَ - إن شاءَ اللَهُ - من أصحابِ الشجرةِ أحدٌ من
الذينَ بايعوا تحتَها"
قالتْ: بلى يا رسولَ اللَّهِ، فانتهرها، فقالتْ حفصةُ:
(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا)، فقال النبي - ﷺ -:
"قد قال اللَهُ عزَّ وجلة (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢).
ورواه الأعمشُ عن أبي سفيانَ، عن جابرٍ، عن أمّ بشرٍ بنحوه، وفي
بعضِ رواياتِ الأعمشِ فقال رسولُ اللَّهِ - ﷺ -: "يرِدُونَها، ثم يصدرونَ عنها بالأعمالِ ".
وقالتْ طائفةٌ: الورودُ هو الدخولُ، وهذا هو المعروفُ عن ابنِ عباسٍ.
ورويَ عنه من غيرِ وجهٍ، وكان يستدلُّ لذلك بقولِ اللَّه تعالى في فرعون:
(يَقْدُم قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النارَ).
وبقولِهِ: (وَنَسوق المُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا).
وكذلك قوله تعالى: (لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا).
وقد سبق عن عبد اللَهِ بنِ رواحةَ نحو هذا إلا أنَّ الرواية عنه منقطعةٌ.
وروى مسلمٌ الأعورُ عن مجاهدٍ: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا)
قال: داخلُها.
وسئل كعبٌ عن الورودِ المذكورِ في الآيةِ، فقالَ: تمسكُ النارُ عن الناسِ


الصفحة التالية
Icon