ولفظُ حديثِ المثنى، عن قتادةَ، عنده:
"إذا رقدَ أحدُكُم عن الصلاةِ أو نامَ عنها، فكفَّارتُها: أن يُصلِّيها إذا ذكَرَها".
وقد دلَّ الحديثُ على وجوبِ القضاءِ على النائم إذا استيقظَ، والناسي إذا
ذكر، وقد حكى الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ.
وذكَرَ ابنُ عبدِ البرِّ: أنَّ محمدَ بنَ رُسْتُم روى عن محمدِ بنِ الحسن: أنَّ
النائمَ إذا فاتَه في نوْمِهِ أكثرُ من خمْسِ صلواتٍ لا قضاء عليه، إلحاقًا للنومِ
الطويلِ إذا زادَ على يومٍ وليلةٍ بالإغماء، والمُغْمَى عليه لا قضاء عليه عندَه.
ويكونُ الأمرُ عندَهُ بالقضاءِ في النومِ المعتادِ، وهو ما تفوتُ فيه صلاة أو
صلاتانِ أو دون خمسٍ أو أكثر.
وأخذَ الجمهورُ بعمومِ الحديث.
وقولُهُ: "فليصلِّ إذا ذَكَرَ":
استدلَّ به من يقولُ بوجوبِ قضاءِ الصلواتِ على
الفورِ، وهو قولُ أبي حنيفة ومالكٍ.
وأحمدُ يوجبه بكلِّ حالٍ، قلَّتِ الصلواتُ أو كثُرَتْ.
واستدلوا - أيضًا - بقولِهِ: " لا كفَّارةَ لها إذا ذلك ".
وذهبَ الشافعيُّ إلى أنَّ القضاءَ على التراخي، كقضاءِ صيام رمضانَ.
وليس الصومُ كالصلاةِ عندَهم، فإنَّ الصيامَ لا يجوزُ تأخيرُهُ حتَّى يدخل نظيرُه
من العامِ القابل والصلاةُ عندَهُم بخلافِ ذلك.
واستدلُّوا - أيضًا -: بتأخيرِ النبيِّ - ﷺ - الصلاةَ حتَّى خرج من الوادي.
وفيه نظرٌ؛ فإنَّ ذاك تأخيرٌ يسيرٌ لمصلحةٍ تتعلَّقُ بالصلاةِ، وهو التباعُدُ عن
موضع يُكْرَه الصلاةُ فيه.


الصفحة التالية
Icon