وروى إسحاقُ بنُ راهويه: حدثنَا جريرٌ: ثنا ليثٌ، عن كعب، عن أبي
هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللَهِ - ﷺ -: "إذا قالَ الإمامُ: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فقالَ: آمينَ، فوافقَ آمينُ أهلِ الأرضِ أمينَ أهلِ السماءِ، غَفَرَ اللَهُ للعبدِ ما تقدَّمَ منْ ذنبِهِ.
ومثلُ من لا يقولُ: آمينَ كمثلِ رجل غزا مع قومٍ فاقترَعُوا، فخرجتْ
سهامُهُم ولم يخرجْ سهمُه، فقال: لِمَ لَمْ يخرجْ سَهْمِي؛ فقيل: إنكَ لم تقلْ آمينَ "..
قال أبو هريرةَ: وكانَ الإمامُ إذا قالَ؛ (وَلا الضَّالِّينَ) جهرَ بـ آمينَ.
كعبٌ هذا، قالَ أحمدُ: لا أدْري منْ هوَ. وقالَ أبو حاتم: مجهولٌ لا
يعرَفُ.
وقد ذكرْنا - فيما تقدَّمَ - أن الحديثَ على ظاهرهِ، وأن الملائكةَ في السماءِ
تؤمِّنُ على قراءةِ المصلِّينَ في الأرضِ للفاتحةِ.
وفي "صحيح مسلم " من رواية العلاءِ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، عن
النبيِّ - ﷺ -، قالَ: "قالَ اللَهُ عزَّ وجل قسمتُ الصلاةَ بيني وبينَ عبدِي نِصفَيْنِ، ولعبدي ما سألَ، فإذا قالَ العبدُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قالَ اللَهُ: حمدني عبْدِي، فإذا قالَ: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قالَ اللَّهُ: أثْنَى علي عبدي، فإذا قالَ: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال: مجَّدني عبدِي - وقالَ مرة: فوَّضَ إليَّ عبدِي فإذا قالَ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قالَ: هذا بينِي وبينَ عبدِي، ولعبدِي ما سألَ: فإذَا قالَ: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
قالَ: هذا لعبدِي ولعبدِي ما سألَ ".
فهذا الحديثُ يدل على أنَّ اللَّهَ يَسْتَمِعُ لقراءةِ المصلِّي حيثُ كان مناجيًا له،