وغلبَ في العُرفِ استعمالُ الفتنةِ في الوقوع فيما يسوءُ.
والفتنةُ نوعانِ: أحدُهما: خاصة، تختص بالرجلِ في نفسِهِ، والثاني: عامَّة.
تعمُ الناسَ.
فالفتنة الخاصة: ابتلاءُ الرجلِ في خاصةِ نفسِهِ بأهلِه ومالهِ وولدِهِ وجاره.
وقد قال تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)، فإنَّ ذلك غالبًا
يُلهي عن طلبِ الآخرةِ، والاستعدادِ لها، ويشغل عن ذلك.
ولمَّا كان النبيُّ - ﷺ - يخطبُ على المنبرِ، ورأى الحسنَ والحسينَ يمشيانِ ويعثُرانِ وهما صغيرانِ، نزلَ فحملَهُمَا، ثمَّ قال: "صدق اللَّه ورسولُهُ: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكمْ فِتْنَةٌ)، إني رأيتُ هذين الغُلامين يمشيان ويعْثران فلم أصبر". ً
وقد ذمَّ اللَّهُ تعالى منْ ألهاهُ مالُهُ وولدُهُ عن ذكر، فقال: (لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩).
فظهرَ بهذا: أنَّ الإنسانَ يُبتلَى بمالِهِ وولدِهِ وأهلِهِ وبجاور المجاورِ له، ويُفتتن
بذلك، فتارةً يُلهيه الاشتغالُ به عمَّا ينفعه في آخرتِهِ، وتارةً تحملُهُ محبتُه على
أنْ يفعلَ لأجله بعضَ ما لا يحبُه اللَّه، وتارةً يقصِّر في حقِّه الواجبِ عليه.
وتارةً يظلمه ويأتي إليه ما يكرهُه اللَهُ من قولٍ أو فعلِ، فيسألُ عنه ويطالب
فإذا حصل للإنسانِ شيء من هذه الفتن الخاصة، ثم صلَّى أو صامَ أو
تصدَّقَ أو أمرَ بمعروفٍ أو نهى عن منكرٍ كان ذلك كفَّارة له، وإذا كان الإنسانُ