معاملةَ الشاهدِ غيرَ الغائبِ، وهذا مقامُ الإحسانِ.
قال بعض العارفين: من عرفَ اللَّهَ اكتفى به من خلقِهِ.
وكان بعضُ المخلصينَ يقولُ: لا أعتدُّ بما ظهرَ من عملِي.
اطلعَ على بعضِ أحوالِ بعضِهم، فدَعَى لنفسِهِ بالموتِ وقال: إنما كانتْ
تطيبُ الحياةُ إذا كانتِ المعاملةُ بيني وبين اللَّه سرًّا.
وقيلَ لبعضهم: ألا تستوحشُ وحدَكَ؟
قالَ: وكيفَ أستوحشُ وهو يقولُ: أنا جليسُ من ذكرَني.
آنستني خلواتِي بكَ عن كلِّ أنيسي... وتفردتُ فعاينتُكَ في الغيبِ جليسِي
* * *
قوله تعالى: (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)
كَمْ بَيْنَ الذين: (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)، وبينَ الذينَ: (يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا).
قال: عليٌّ - رضي الله عنه -: تتلقَّاهُم الملائكةُ على أبوابِ الجنة:
(سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ).
ويلْقَى كُلُّ غِلمان صاحبَهم يُطيُفون به فِعْلَ الوِلْدان بالحميم جاء من الغيبةِ، ويقولون: أبشِرْ فقدْ أعدَّ اللَّهُ لك من الكرامةِ كذا وكذا، وينطلقُ غُلامٌ من غِلْمانِهِ إلى أزواجه من الحور العين، فيقولُ: هذا فلان - باسمه في الدنيا -، فيقلْنَ: أنتَ رأيتَه؟ فيقولُ: نعم، فيستخفُّهُنَّ الفرحُ حتى يخرُجْنَ إلى أُسْكُفَّةِ البابِ.
* * *