وقالَ: ويُؤتَى بالرجلِ الصالح كانَ قدْ حمَلَهُ، فيمثلُ خَصْمًا دونَهُ، فيقولُ: يا
ربّ حمَّلتَهُ إيَّاي فخيرُ حامِلٍ حفظَ حدودي وعمِلَ بفرائِضي واجتنبَ معصِيتِي ".
والمراد بحفظِ الحدودِ هُنا: المحافظةُ على الواجباتِ والانتهاءُ عن
المحرَّماتِ.
وفي حديثِ النُعْمانِ بنِ بشيرٍ، عن النبي - ﷺ -:
"الحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيَنٌ وبينهُما أمورٌ مشتبهاتٌ لا يعلمُهُنَّ كثيرٌ من الناسِ، فمنِ اتَّقَى الشبهاتِ استبرأ لدِينِهِ وعرْضِهِ، ومنْ وقَعَ في الشبهاتِ وقَعَ في الحرام كالرَّاعي يرعَى حولَ الحِمَى يُوشِكُ أن يخالطَهُ. ألا وإنَّ لكل ملك حمىً، ألا وإن حمَى اللَّه في أرضه محارمُهُ ".
وهو حديث متفق على صحتِهِ. ًًًَ
فمثَّلَ المحرَّماتِ في هذا الحديثِ: بالحِمَى، وهو ما يحميهِ الملوك وتمنعُ من
قُربانِهِ، وجعلَ الحلال بيِّنًا والحرامَ بيِّنًا، ومُرادُهُ: الحلالُ المحض والحرامُ
المحضُ، فإنَّ لكلٍّ منهَا حُدودًا معروفةً في الشريعةِ.
وجعلَ بينهُمَا أمورًا مشتبهةً على كثيرٍ من الناسِ، لا يدرونَ هلْ هيَ من الحلالِ أم منَ الحرامِ.
فدلَّ على أنَّ من الناسِ من لا يشتبِهُ عليهِ حُكْمُها، فيعلمُ أنَّها حلالٌ أو أنَّها
حرامٌ.
فأمَّا من اشتبهَ عليه حُكْمُها: فإن الأوْلَى لهُ أنْ يتَّقيَهَا ويجتنبَهَا، كما قالَ
عُمَرُ: ذَرُوا الرِّبا والرِّيبة).
وأخبر أنَه منْ وقعَ في الأمورِ المُشتبهةِ وقعَ في الحرامِ، والمُراد: أنَّ نفسَهُ