وقد كانَ النبيُّ - ﷺ - يدعُو الخلقَ بالقرآنِ إلى الدخولِ في الإسلامِ، الَّذي هو الصراطُ المستقيمُ، وبذلكَ استجابَ له خواصُّ المؤمنينَ كأكابرِ المهاجرينَ والأنصارِ.
ولهذا المعْنَى قال مالكٌ: فُتحت المدينةُ بالقرآنِ.
يعني: أنَّ أهلَهَا إنَّما دخلُوا في الإسلامِ بسماع القرآنِ.
كما بعثَ النبيُّ - ﷺ - مصعبَ بنَ عميرٍ، قبلَ أنْ يُهاجِرَ إلى المدينةِ. فدعَا أهلَ المدينةِ إلى الإسلامِ بتلاوةِ القرآنِ عليْهِم، فأسلمَ كثيرٌ منْهُم.
قال بعضُ السلفِ: من لم يردعْهُ القرآنُ والموتُ، لو تناطحتِ الجبالُ بين
يديهِ لم يرتدعْ.
وقالَ آخرُ: من لم يتَّعِظْ بثلاثٍ، لم يتعِظْ بشيءٍ: الإسلامِ والقرآنِ.
والمشيبِ، كما قيلَ:
كفى الشيبُ والإسلامُ للمرءِ ناهيًا
قال يحيى بنُ معاذٍ: الإسلامَ نقيٌّ فلا تدنّسْهُ بآثامِكَ.
منع الهَوى مِن كاعبٍ ومدام... نورُ المشيبِ وواعظُ الإسلامِ
ومَن كان في الدنيا قد خرَجَ عن الاستقامةِ على الصراطِ، ففتحَ أبوابَ
المحارمِ الَّتي في ستورِ الصراطِ يمنةً ويسرةً، ودخلَ إليْهَا - سواءٌ كانت المحارمُ
من الشهواتِ أو مِنَ الشبهاتِ - أخذتْهُ الكلاليبُ الَّذي على ذلك الصراطِ يمنةً ويسرةً، بحسبِ ما فتحَ في الدنيا من أبوابِ المحارمِ ودخلَ إليْهَا.
فمنهُم المكدوشُ في النارِ، ومنهم من تخدِشُهُ الكلاليبُ وينجُو.
رأى بعضُ السلفِ - وكانَ شَابا - في منامِهِ: كأنَّ الناسَ حُشِرُوا، وإذا بنهرٍ
من لهبِ النارِ عليه جسرٌ يجوزُ الناسُ عليهِ يُدْعونَ بأسمائِهِم. فمنْ دُعِيَ