فإسباغُ الوضوءِ في البردِ لاسيَّما في الليل يطلعُ اللَّهُ عليه ويرضَى به
ويباهي به الملائكةَ، فاستحضارُ ذلك يهونُ ألم بردِ الماءِ.
وفي "المسندِ" و"صحيح ابن حبانَ " عن عقبةَ بنِ عامرٍ عن النبي - ﷺ - قال: "رجلانِ من أُمَّتي، يقومُ أحدُهُما من الليلِ يعالجُ نفسَهُ إلى الطهورِ وعليه عقدٌ فيتوضأ، فإذا وضَّأ يديه انحلتْ عقدة، وإذا وضأ وجهَهُ انحلتْ عقدة، وإذا مسحَ رأسَهُ انحلتْ عقدة، وإذا وضَّأ رجليه انحلتْ عقدة، فيقول الرب عزَّ وجل للذي وراء الحجابِ: انظرُوا إلى عبدِي هذا يعالجُ نفسَهُ يسألني، ما سألني عبدِي هذا فهو لَهُ "
وذكرَ بقيةَ الحديثِ.
وَرُوي عن عطيةَ عن أبي سعيدٍ عن النبي - ﷺ -:
"إن الله يضحكُ إلى ثلاثةِ نفرٍ، رجل قامَ من جوفِ الليلِ فأحسنَ الطهورَ فصلَّى" وذكر الحديث.
كان بعضُ السلفِ له وِرْدٌ بالليلِ ففترَ عنهُ فهتفَ به هاتفٌ: ينظرُ اللَّه في
الليلِ لما يصنعُ خدامُهُ إذا قامُوا أوحشتهم على الخدمةِ أحكامُهُ.
الخامس: الاستغراقُ في محبةِ من أمرَ بهذه الطاعةِ وأنَّه يرضَى بهَا ويحبُّها.
كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، فمن امتلأ
قلبُه من محبةِ اللَّه عزَّ وجلَّ أحبَّ ما يحبُّهُ وإنْ شقَّ على النفسِ وتألَّمتْ به.
كما يُقال: المحبةُ تهونُ الأثقالَ.
وقال بعضُ السلفِ في مرضِهِ: أحبُّه إليَّ أحبُّه إليه.
وكما قيل:
فَمَا لِجُرْح إِذَا أَرْضَاكُم أَلَمٌ


الصفحة التالية
Icon