أذنِ أحدِهم وأنفِهِ مسيرةُ سبعينَ خريفًا تجري في أوديةُ القيح والدمِ.
قلنَا: أنهار؟
قال: لا، بل أوديةٌ، ثمَّ قالَ: أتدرونَ ما سعةُ جهنَّمَ؟
قلنا: لا، قالَ: حدثتنِي عائشةُ أنها سألتْ رسولَ اللَّهِ - ﷺ - عن قوله تعالى:
(وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ).
فأين الناسُ يومئذٍ؟
قال: "على جسر جهنَّم"
خرَّجهُ الإمامُ أحمدُ، وخرجَ النسائيُّ والترمذيُّ منه المرفوعَ وصححهُ الترمذيُّ وخرَّجهُ الحاكمُ وقالَ صحيحُ الإسنادِ.
* * *
وقالَ - أي ابن الجوزي -: كانَ أبو القاسم بنِ السَّمرقندي يقولُ: إنَّ أبا
بكر بنَ الخاضبةِ كانَ يُسَمِّي ابنَ الفاعوسِ الحجَريَّ؛ لأته كانَ يقولُ: الحجرُ
الأسودُ يمينُ اللهِ حقيقةً.
قلت: إنْ صحَّ عن ابنِ الفاعوسِ أنَّه كانَ يقولُ: الحجرُ الأسودُ يمينُ اللَّهِ
حقيقةً، فأصلُ ذلكَ: أنَّ طائفَةً من أصحابنا وغيرِهم نَفوا وقُوعَ المجاز في
القرآنِ، ولكنْ لا يعلمُ منهم مَن نفَى المجاز في اللُّغةِ كقولِ أبي إسحاقَ
الإسفرائيني. ولكنْ قد يسمعُ بعضُ صالحِيهم إنكارَ المجازِ في القرآنِ، فيعتقدُ
إنكارَهُ مطلقًا.
ويؤيدُ ذلكَ: أنَّ المُتبادرَ إلى فهم أكثرِ النَّاسِ مِن لفظِ الحقيقةِ والمجازِ:
المعَاني والحقائقُ دونَ الألفاظِ.


الصفحة التالية
Icon