كأنكَّ بالمضيِّ إلى سبيلِكْ... وقدْ جذَ المُجَهِّزُ في رحِيلِكْ
وجيءَ بِغاسِل فاسْتَعْجَلُوهُ... بقولِهِم لهُ افْرغْ من غَسيلِكْ
ولم تحمِلْ سِوَى كفَنٍ وقُطْنٍ... إليهم من كثيركَ أو قليلكْ
وقد مدَّ الرِّجالُ إليكَ نَعْشًا... فأنْتَ عليه مَمْدُودٌ بطولِك
وصلَّوا ثمَ إنَّهم تدَاعَوا... لحمْلِكَ من بُكورِكَ أو أصيلِكْ
فلمَّا أسْلَمُوك نزَلْتَ قبْرًا... ومن لكَ بالسَّلامةِ في نُزولِكْ
أعانَكَ يومَ تدَخُلُهُ رحيمٌ... رءوفٌ بالعبادِ على دُخُولِكْ
فسَوفَ تُجاوِر المَوْتَى طويلاً... فذَرْني مِن قَصيركَ أو طويلِكْ
أُخَيَّ لقد نَصحتُكَ فاسْتَمِعْ لِي... وباللَّهِ اسْتَعَنْتُ على قبولِكْ
ألسْتَ تَرى المنايا كُل حينٍ... تُصيبُكَ في أخِيكَ وفي خَلِيلِكْ
* * *
قوله تعالى: (إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧)
قال ابن الجوزي في "المقتبس ": سمعت الوزير يقول في فوله تعالى:
(إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ).
قال: رُبَّما تَوهَّم جاهلٌ أنهم لم يُجَابُوا عما سألوا، وليسَ كذلك؛ فإن الذين سألوُا لا يصلح أن يكون دليلاً على البعثِ؛ لأنهم لو أُجيبوا إلى ما سألوا لم يكُنْ ذلك حجةً على مَنْ تقدَّم، ولا على