وقال مغيرةُ، عن إبراهيمَ وأبي رزينِ: (كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) :
قال: الشجرُ يغلي.
قال جعفرُ بنُ سليمانَ: سمعتُ أبا عمرانَ الجوني يقولُ: بلغَنا أنَّه لا
ينهشُ منها نهشةً إلا نهشتْ منه مثلَها.
وقد دلَّ القرآنُ على أنَّهم يأكلونَ منها حتى تمتلى منها بطونُهم، فتغلي في
بطونِهم كما يغلي الحميمُ، وهو الماءُ الذي قدْ انتهى حرُّهُ، ثمَّ بعدَ أكلهم منها يشربُونَ عليه من الحميم شربَ الهيم.
قال ابنُ عباسٍ في روايةِ علي بنِ أبي طلحة: الهيمُ: الإبلُ العطاشُ.
وقال: السديُّ: هو داء يأخذ الإبلَ فلا تُروى أبدًا حتى تموت، فكذلك
أهلُ جهنم لا يُروونَ من الحميم أبدًا، وعن مجاهدٍ نحوُه.
وعن الضحاكِ في قولِهِ: (شُرْبَ الْهِيم)، قال: من العربِ مَن
يقولُ: هو الرملُ، ومنهم مَنْ يقولُ: الإبلُ العطاش، وقد رُوي عن ابنِ
عباسٍ كلا القولين، ودلَّ قولُهُ سبحانَهُ: (ثُمَّ إِن لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّن حَمِيم)
على أنَّ الحميمَ يشابُ به ما في بطونِهِم من الزَّقوم فيصيرُ شوبًا
له، وقال عطاء الخراسانيُّ في هذه الآيةِ: يقالُ: يُخلطُ طعامُهُم ويشابُ
بالحميم.
وقال قتادةُ: (لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيم) : مِزاجًا من حميم.
وعن سعيدِ بنِ جبيرِ قال: إذا جاعَ أهلُ النَّارِ استغاثُوا من الجوعُ فأُغيثُوا
بشجرةِ الزَّقومِ فأكلوا منها فانسلختْ وجوهُهُم حتى لو أنَّ مارًّا مرَّ عليهم
يعرفُهم لِعُرْفِ جلود وجوهِهِم، فإذا أكلُوا منها أُلقي عليهم العطشُ.
فاستغاثُوا من العطشِ فأُغيثوا بماءِ كالمهلِ، والمهلُ: الذي قد انتهى حرُّهُ،