فغارت على قوم، فقال رجل منهم: إنِّي مُسلم، فقتلُه رجل منَ السَّريَّة.
فنُمي الحديثُ إلىَّ رَسول اللَّه - ﷺ -، فقال فيه قولاً شديدًا، فقال الرجلُ: إنَّما قالها تعوُّذًا مِنَ القتلِ، فقال النبيُّ - ﷺ -: "إن اللَّه أبَى عليَّ أن أقتلَ مؤمنًا" ثلاثَ مرَاتٍ.
فلولا أنَّ الإسلامَ المطلقَ يدخُلُ فيه الإيمانُ والتَّصديقُ بالأصول الخمسةِ، لم
يصِر من قال: "أنا مسلم" مؤمنًا بمجرَّدِ هذا القول، وقد أخبرَ اللَّه تعالى عن
ملكةِ سبإٍ أنها دخلتْ في الإسلامِ بهذهِ الكلمةِ وقالت: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٤).
وأخبرَ عن يوسفَ عليه السَّلامُ أنه دعَا بالموتِ على الإسلامِ.
وهذا كلُّه يدلُّ على أنَّ الإسلامَ المطلقَ يدخُلُ
فيهِ ما يدخلُ في الإيمان مِنَ التَّصديق.
وفي "سننِ ابنِ ماجةَ " عن عدي بنِ حاتمٍ، قال: قال لي رسول اللَّهِ
- ﷺ -:
"يا عديُّ، أسلمْ تسلمُ!، قلتُ: وما الإسلامُ؟
قال: "تشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وتشهدُ أني رسولُ اللَّه، وتؤمنُ بالأقدارِ كلِّها، خيرِها وشرِّها حلوِها ومرِّها".
فهذا نصّ في أنَّ الإيمانَ بالقدرِ مِنَ الإسلامِ.
* * *


الصفحة التالية
Icon