وكذلكَ الطهارةُ، فإنها مفتاحُ الصلاةِ، وقالَ النبي - ﷺ -: "لا يحافظُ على الوضوءِ إلا مؤمنٌ ".
ومما أمرَ اللَّهُ بحفظه الأيمانُ، لما ذكرَ كفارةَ اليمينِ قالَ: (ذَلِكَ كفارَة أَيْمَانِكُمْ
إِذَا حلَفْتمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ)، فإن الأيمانَ كثيرًا ما تقع من الناسِ
وموجباتها مختلفةٌ.
فتارة يجبُ فيها كفارةُ يمين، وتارةً يجبُ بها كفارة
مغلظة، وتارةً يلزمُ بها المحلوفُ عليهِ من طلاق ونحوِه.
فمن حفظَ أيمانَهُ دلَّ على دخولِ الإيمانِ في قلبِهِ.
وكانَ السلفُ كثيرًا يحافظونَ على الأيمانِ.
فمنهم من كانَ لا يحلفُ باللَّهِ ألبتَّة، ومنهم من كانَ يتورعُ حتى يكفرَ فيما شكَّ فيه من الحنثِ.
ووصى الإمامُ أحمدُ رحمه اللَّه عند موتِهِ أن يخرجَ عنه كفارةُ يمينٍ.
وقال: أظنُّ أنِّي حنثتُ في يمينٍ حلفتُها.
وقد رُويَ عن أيوبَ عليه السلامُ أنه كان إذا مرَّ باثنينِ يحلفانِ باللَّهِ ذهب
فكفرَ عنهُما، لئلا يأثمانِ وهما لا يشعرانِ.
ولهذا لما حلفَ على ضربِ امرأتِهِ مائةَ جلدةٍ، أفتاهُ اللَّهُ بالرخصةِ لحفظِهِ
لأيمانِهِ وأيمانِ غيرِه.
وقد اختلفَ العلماءُ: هل تتعدَّى الرخصةُ إلى غيرِه أم لا؟
وقال يزيدُ بنُ أبي حبيبٍ: بلغَنِي أنَّ من حملةِ العرشِ من يسيلُ من
عينيهِ أمثالُ الأنهارِ من البكاءِ، فإذا رفعَ رأسَهُ قالَ: سبحانكَ ما تُخشَى
حقَّ خشيتكَ، فيقولُ اللَهُ تعالى: لكن الذينَ يحلفونَ باسمي كاذبينَ