فهذا كلامُ أئمةِ السلفِ في إنكارِ ذلكَ ونسبتهِ إلى اليهودِ، وهذا يدلُّ على
أن الحديثَ المرفوعَ المرويّ في ذلكَ لا أصلَ لرفعِهِ، وإنَّما هو متلقى عن
اليهودِ، ومَن قالَ: إنَّه على شرطِ الشيخينِ فقدْ أخطأ.
وهو من روايةِ محمدِ بنِ فُليح بنِ سليمانَ، عن أبيهِ، عن سعيدِ بنِ
الحارثِ، عن عُبيدِ بنِ حُنين: سمعَ قتادةَ بنَ النعمانِ يحدثُهُ، عن النبيِّ - ﷺ - بمعنى قولِ أبي مُجلز.
وفي آخرِه: وقالَ عزَّ وجل: " إنها لا تصلحُ لبشر".
وعُبيد بنُ حُنين، قيلَ: إنه لمْ يسمعْ من قتادةَ بنِ النعمانِ -:
قالَهُ البيهقيُّ.
وفُليحٌ، وإن خرَّج له البخاريُّ فقد سبقَ كلامُ أئمةِ الحفاظِ في تضعيفِهِ.
وكان يحيى بنُ سعيدٍ يقشعِرُّ من أحاديثِهِ، وقال أبو زُرعةَ - فيما رواه عنه
سعيد البرذعيّ -: فُليحٌ واهي الحديثِ، وابنُهُ محمدٌ واهي الحديثِ.
ولو كان النبي - ﷺ - يروِي عن ربِّه أنه قالَ:
"إنها لا تصلحُ لبشرٍ"
لم يفعله رسول اللَّه - ﷺ -، ولو كان قد انتسخ فِعله الأول بهذا النهي لم يستمر على فعله خلفاؤه الراشدون الذين هم أعلمُ أصحابهِ به، وأتبعهم لهديه وسنته.
وقد رُوي عن قتادَة بنِ النعمانِ من وجهٍ آخر منقطع، من روايةِ سالمٍ أبي
النضر، عن قتادةَ بنِ النعمانِ - ولم يدركْهُ -، أنه رَوَى عن النبي - ﷺ -، أنه نهى عن ذلكَ.
خرَّجه الإمامُ أحمد.
وهذا محتملٌ، كما رواه عنه جابرٌ وغيرُه. فأما هذه الطَّامةُ، فلا تحتملُ
أصلاً.


الصفحة التالية
Icon