الدُّنيا، أو يذكرُهُ بِهَا كرؤيةِ البحرِ وأمواجِهِ والرؤوسِ المشويةِ، وبكاءِ الأطفالِ، وفي الحرِّ والبردِ، وعند الطعامِ والشرابِ وغيرِ ذلكَ، وسنذكرُ ما تيسرَ من ذلكَ مفرَّقًا في مواضِعهِ إن شاءَ اللَّهُ تعالى.
وأنَّ منهم من كانَ يذكرُ النارَ بدخولِ الحمامِ، وروى ليثٌ عن طلحة قال:
انطلقَ رجلٌ ذاتَ يومٍ فنزعَ ثيابَهُ وتمرغَ في الرمضاءِ وهو يقولُ لنفسِهِ: ذوقي
نارَ جهنمَ ذوقي (نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا)، جيفةٌ بالليلِ بطالةٌ بالنهارِ، فبينا
هو كذلك إذا أبصرَ النبيَّ - ﷺ - في ظلِّ شجرةٍ فأتاهُ، فقالَ: غلبتنِي نفسِي، فقالَ له النبيُّ - ﷺ -:
"ألم يكنْ لك بدٌّ من الذي صنعتَ؟
لقد فُتحتْ لك أبوابُ السماءِ، ولقد باهَى اللَهُ بكَ الملائكةَ"
خرَّجهُ ابنُ أبي الدنيا وهو مرسلٌ، وخرَّجَ الطبرانيُّ نحوَهُ من حديث بريدةَ موصولاً، وفي إسناده من لا يعْرفُ حالُه.
واللَّهُ أعلم.
* * *.
ومِن أعظم ما يُذكِّرُ بنارِ جهنمَ: النَّارُ التي في الدنيا، قال الله تعالى:
(نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا للْمُقْوِينَ)، يعني أنَّ نارَ الدُّنيا جعلها اللَّه
تذكرةً تذكِّرُ بنارِ الآخرةِ.
مرَّ ابنُ مسعودٍ بالحدَّادين وقد أخرجُوا حديدًا من
النارِ، فوقفَ ينظرُ إليه ويبكي.
ورُوي عنه: أنَّه مرَّ على الذين ينفُخُون الكيرَ فسقطَ.
وكان أويس يقفُ على الحدَّادين فينظرُ إليهم كيف ينفخونَ الكيرَ، ويسمعُ
صوتَ النَّار، فيصرخُ، ثم يسقُطُ.
وكذلك الربيع بنُ خُثيم. وكان كثيرٌ من
"التخويف من النار! (٢٤ - ٢٥).


الصفحة التالية
Icon