الموتُ بُشِّر برضوانِ اللهِ وكرامتهِ، فليسَ شيءٌ أحبَّ إليه مما أمامَهُ، فأحب لقاءَ اللهِ وأحبَّ اللَهُ لقاءَه، وإنَّ الكافرَ إذا حُضِر، بُشِّر بعذابِ اللهِ وعقوبتهِ، فليسَ شيءٌ كرهَ إليه ممَّا أمامَهُ، فكرهَ لقاءَ اللَّهِ وكرهَ اللَهُ لقاءَهُ ".
وقد رُوِيَ هذا المعنى عن النبيِّ - ﷺ - من وجوه متعددهِ.
وفي حديث زاذن، عن البراءِ بن عازبٍ، عن النبيّ - ﷺ -: "إنَّ نفسَ المؤمنِ يقالُ لها: اخْرجي أيتها النفسُ المطمئنةُ إلى مغفرة من اللَّهِ ورضوان، فتخرجُ وتسيلُ كما
تسيلُ القطرةُ من فيِّ السقاءِ، وإنَّ نفسَ الكافرِ يُقال لها: اخرجي أيتها النفسُ الخبيثةُ إلى غضبِ اللهِ وسخطه، فتتفرقُ في جسدِهِ، وتأبى أن تخرجَ، فيجذبونَها، فتنقطعُ معها العروقُ والعصبُ ".
وفي روايةِ عيسى بنِ المسيبِ عن عديِّ بن ثابت، عن البراءِ، عن النبيِّ
- ﷺ - قال:
"فتتفرق روحُهُ في جسدِهِ، كراهةَ أن تخرجَ لما ترى وتعاين، فيستخرِجُها.
كما يستخرجُ السفودَ من الصوفِ المبلولِ ".
وقد دلَّ القرآنُ على عذابِ القبرِ في مواضعَ أُخرَ كقولهِ تعالى:
(وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣).
وخرَّجَ الترمذي بإسناده، عن عليٍّ قالَ: مازِلْنا في شكٍّ من عذابِ
القبرِ حتى نزلتْ: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢).


الصفحة التالية
Icon