قال بعضُ السَّلفِ: أفضلُ الأعمالِ سلامةُ الصُّدُورِ، وسخاوةُ النُّفوسِ.
والنصيحةُ للأمَّةِ، وبهذه الخصالِ بلغَ منْ بلغَ، لا بكثرةِ الاجتهادِ في الصَّومِ
والصَّلاةِ.
* * *
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩)
وأعظمُ الشدائدِ التي تنزلُ بالعبدِ في الدنيا الموتُ، وما بعده أشدّ منه إن لم
يكنْ مصيرُ العبدِ إلى خيرٍ، فالواجبُ على المؤمنِ الاستعدادُ للموتِ وما بعدَهُ
في حال الصحةِ بالتقوى والأعمالِ الصالحةِ، قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩).
فمن ذكرَ اللَّهَ في حالِ صحتِهِ ورخائِهِ، واستعدَّ حينئذٍ للقاءِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ
بالموتِ وما بعدَهُ، ذكرَهُ اللَهُ عندَ هذه الشدائدِ، فكانَ معهُ فيها، ولطفَ به، وأعانَهُ، وتولاهُ، وثبّتَه على التوحيدِ، فلقيهُ وهو عنه راضٍ، ومن نسِيَ اللَّهَ في حالِ صحته ورخائِهِ، ولم يستعد حينئذ للقائِهِ، نسيهُ اللَّهُ في هذه
الشدائدِ، بمعنى أنًّه أعرضَ عنهُ، وأهملَهُ، فإذا نزلَ الموتُ بالمؤمنِ المستعدِّ لهُ، أحسنَ الظن بربِّهِ، وجاءتْهُ البُشْرَى مِنَ اللَهِ فأحبَّ لقاءَ اللهِ، وأحبَّ اللَّهُ
لقاءَه، والفاجرُ بعكسِ ذلكَ، وحينئذٍ يفرحُ المؤمنُ، ويستبشرُ بما قدَّمَهُ مما