فهذا قد يُشعرُ بأنَّ هذه البيعةَ كانتْ بالمدينةِ، بعد فرضِ الحربِ، وفي هذا
وقد خرَّجهُ الهيثمُ بنُ كليبٍ في "مسندِهِ "، من روايةِ ابنِ إدريس، عن ابنِ
إسحاقَ ويحيى بنِ سعيد وعبيدِ اللَّهِ بنِ عمرَ، عن عبادةَ بنِ الوليدِ، أنَّ أباهُ
حدَّثه، عن جدِّهِ قالَ: بايعنَا رسولَ اللَّهِ - ﷺ - في العقبةِ الآخرةِ على السمع والطاعةِ - فذكره.
وخرَّجَهُ ابنُ سعدِ من وجهٍ آخرَ، عن عبادةَ بنِ الوليدِ - مرسلاً.
وخرجَ الإمامُ أحمدُ من وجهٍ آخر، عن عبادةَ، أنَّهم بايعُوا النبيَّ - ﷺ - هذه البيعةَ على السمع والطاعةِ - الحديث، وقال فيه -: وعلى أن ننصرَ النبيَّ - ﷺ - إذا قدِمَ علينا يثربَ، فنمنعهُ مما نمنعُ منه أنفسَنَا.
وهذا يدلُّ على أن هذه البيعة كانتْ قبلَ الهجرةِ، وذلكَ ليلةَ العقبة.
وخرَّج - أيضًا - هذا المعنى من حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ، أنَّ هذه البيعة
كانتْ للسبعينَ، بشعبِ العقبةِ.
وهي البيعةُ الثانيةُ، وتكونُ سميتْ هذه البيعةُ الثانيةُ: "بيعةَ الحربِ "؛ لأن
فيها البيعةَ على منع النبيِّ - ﷺ -، وذلكَ يقتضِي القتالَ دونَهُ، فهذا هو المرادُ بالحربِ، وقد شهدَ عبادةُ البيعتينِ معًا.
ويحتملُ أن النبيَّ - ﷺ - كانَ يبايعُ أصحابَه على بيعةِ النساءِ قبلَ نزولِ آيةِ مبايعتهنَّ، ثم نزلتْ الآيةُ بموافقةِ ذلكَ.