وكذلك الأحاديثُ التي ذكرَ فيها عدَّ الكبائرِ، ذكرَ في بعضِها: القذفَ.
وفي بعضِها: قولَ الزورِ، أو شهادةَ الزورِ، وفي بعضها: اليمينَ الغموسِ.
والسحرَ، وهذا كلُّه من البهتانِ المفترى.
وأما الخصلةُ السادسةُ، فهي المعصيةُ، وتشملُ جميعَ أنواع المعاصِي، فهو
من بابِ ذكرِ العامِّ بعد الخاصّ.
وهو قريبٌ من معنى قولهِ تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، وقولهِ تعالى: (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْروفٍ).
وفي بعضِ ألفاظِ حديثِ عبادةَ: "ولا تعصُوا في معروف ".
وفي بعضها: "ولا تعصوني في معروف ".
وقد خرَّجَها البخاريُّ في موضع آخرَ.
وكلُّ هذا إشارةٌ إلى أن الطاعةَ لا تكونُ إلا في معروفٍ، فلا يطاعُ مخلوقٌ
إلا في معروفٍ، ولا يطاعُ في معصيةِ الخالقِ.
وقد استنبَط هذا المعنى من هذه الآيةِ طائفةٌ من السلفِ.
فلو كان لأحدٍ من البشرِ أن يطاعَ بكلِّ حالٍ، لكانَ ذلك للرسولِ - ﷺ -، فلمَّا خُصَّتْ طاعتُه بالمعروفِ، مع أنه لا يأمرُ إلا بما هو معروفٌ، دلَّ على أن الطاعةَ في الأصلِ للَّهِ وحدَه، والرسولُ مبلغ عنه، وواسطةٌ بينه وبينَ عبادِه.
ولهذا قالَ تعالى: (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ).
فدخلَ في هذه الخصلةِ السادسةِ: الانتهاءُ عن جميع المعاصِي، ويدخلُ
فيها - أيضًا -: القيامُ بجميع الطاعاتِ على رأي من يرى أن النهيَ عن شيءٍ


الصفحة التالية
Icon