وقد رُئي الإمامُ أحمدُ بعد موتهِ في المنامِ، فسُئلَ عن حالهِ، فقال: لولا
هذا النبيُّ لكنَّا مجوسًا، وهو كما قال، فإنَّ أهل العراقِ لولا رسالة محمدٍ
- ﷺ - لكانوا مجوسًا، وأهلُ الشامِ ومصرَ والرومُ لولا رسالة محمدٍ - ﷺ - لكانوا نصارَى، وأهلُ جزيرة العرب لولا رسالةُ محمدٍ لكانوا مشركينَ عبادَ أوثانٍ.
ولكن رحمَ اللَّهُ عبادهُ بإرسالِ محمدٍ - ﷺ - فأنقذَهُم مِن الضَّلالِ، كما قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)، ولهذا قال اللَّه تعالى: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، فمن حصلَ له نصيبٌ من دين الإسلامِ فقد حصلَ له الفضلُ العظيمُ، قد عظمت عليه نعمةُ اللَّهِ، فما أحوجهُ إلى القيامِ بشكرِ هذه النعمةِ وسؤالهِ دوامَها والثَّباتَ عليها إلى المماتِ، والموتَ عليها، فبذلكَ تتمُّ النِّعمةُ.
فإبراهيمُ - عليه السلامُ - هو إمامُ الحنفاء، المأمورُ محمَّدٌ - ﷺ - ومَن قبلُه منَ الأنبياءِ - عليهم السلام - بالاقتداء به، وهو الذي جعلهُ اللَّهُ للنَّاسِ إمامًا، وقدْ دعا هو وابنُه إسماعيلُ - عليه السَّلام - بأن يبعثَ اللَّهُ في أهلِ مكَّةَ رسولاً منهُم موصوفًا بهذهِ الأوصافِ، فاستجابَ اللَّهُ لهما وجعلَ هذا النَبيَّ المبعُوثَ فيهم من ولدِ إسماعيلَ بن إبراهيمَ كما دعيا بذلك، وهو النَّبيُّ الذي أظهرَ دينَ إبراهيمَ الحنيفَ بعدَ اضمحلالهِ وخفائهِ على أهلِ الأرضِ فلهذا كان أولَى النَّاسِ بإبراهيمَ، كما قال تعالى:
(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا).
وقال - ﷺ -: "إنَّ لكلِّ نبيٍّ وليًّا مِن النَّبيينَ وإن وليي إبراهيم "، ثم تلا هذه الآية.