يدل على ذلك: حديثُ كعبِ بنِ مالكٌ، أنه كان كلَّما سمع آذانَ الجمعةِ
استغفرَ لأسعدَ بنِ زرارةَ، فسأله ابنُه عن ذلكَ، فقال: كانَ أولَ مَن صلَّى بنا صلاةَ الجمعةِ قبل مقدمِ رسولِ اللَّهِ - ﷺ - من مكةَ في نقيع الخضماتِ، في هَزْم النَّبيتِ، من حرَّةِ بني بياضةَ.
قيل له: كم كنتم يومئذٍ؟
قال: أربعين رجلاً.
خرَّجَه الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ وابنُ ماجةَ - مطوَّلاً.
وروى أبو إسحاقَ الفزاريُّ في "كتاب السمر" له، عن الأوزاعيِّ، عمَّن
حدَّثَه، قال: بعثَ رسولُ اللَّهِ - ﷺ - مصعَب بنَ عمير القرشيَّ إلى المدينةِ، قبل أن يهاجرَ النبيُّ - ﷺ -، فقالَ: "اجمعْ مَنْ بها من المسلمين، ثم انظرِ اليومَ الذي تجمرُ فيه
اليهودُ لسبتِها، فإذا مالَ النهارُ عن شطرهِ فقم فيهمْ، ثم تزلَّفوا إلى اللَّهِ بركعتينِ ".
قال: وقالَ الزهرِيُّ: فجمع بهم مصعبُ بنُ عمير في دارٍ من دُورِ
الأنصارِ، فجمع بهم وهُم بضعةَ عشرَ.
قال الأوزاعيُّ: وهو أولُ من جمعَ بالناسِ.
وقد خرج الدارقطنيّ - أظنه في "أفرادِه " - من روايةِ أحمدَ بنِ محمدِ بنِ
غالبٍ الباهليِّ: نا محمدُ بن عبدِ اللَّهِ أبو زيد المدنيّ: ثنا المغيرةُ بنُ
عبدِ الرحمنِ: ثنا مالكٌ، عن الزهريِّ، عن عبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللَّهِ، عن ابنِ
عباسٍ، قالَ: أذِنَ رسولُ اللَّهِ - ﷺ - بالجمُعةِ قبلَ أن يهاجرَ، ولم يستطعْ رسولُ اللَّهِ - ﷺ - أن يجمّعَ بمكةَ ولا يبيِّن لهم، وكتبَ إلى مصعبِ بنِ عمير:
"أما بعدُ، فانظرِ اليومَ الذي تجمرُ فيه اليهودُ لسبتِهم، فاجمعُوا نساءَكُم وأبناءَكم، فإذا مال النهار عن شطرهِ عند الزوالِ من يوم الجمعةِ فتقربوا إلى اللهِ بركعتينِ ".