ومالكٌ، وأحمدُ، وإسحاقُ وغيرُهم.
وعلى قياسِ هذا: لو كانَ الأسارى في بلدِ المشركينَ مجتمعينَ في مكانٍ
واحد؛ فإنهم لا يصلُّون فيه جمعةً، كالمسجونينَ في دارِ الإسلامِ وأولَى، لا
سيما وأبو حنيفةَ وأصحابُه يرونَ أن الإقامةَ في دارِ الحربِ - وإن طالتْ -
حكمُها حكمُ السفرِ، فتقصر فيها الصلاةُ أبدًا، ولو أقامَ المسلمُ باختيارهِ.
فكيف إذا كانَ أسيرًا مقهورًا؟
وهذا على قولِ مَن يرى اشتراطَ إذنِ الإمامِ لإقامةِ الجمعةِ أظهرُ، فأمَّا على
قولِ مَن لا يشترطُ إذنَ الإمامِ، فقد قال الإمامُ أحمدُ في الأمراءِ إذا أخَّروا
الصلاةَ يومَ الجمُعةِ: فيصلِّيها لوقتِها ويصليها مع الإمامِ، فحملَه القاضي أبو
يعلى في "خلافه " على أنهم يصلونها جمعةً لوقتِها.
وهذا بعيدٌ جدًّا، وإنَّما مرادهُ: أنهم يصلون الظهرَ لوقتِها، ثم يشهدونَ
الجمعةَ مع الأمراءِ.
وكذلك كانَ السلفُ الصالحُ يفعلونَ عند تأخيرِ بني أميةَ للجمعةِ عن
وقتِها، ومنهم مَن كانَ يومئُ بالصلاةِ وهو جالسٌ في المسجدِ قبلَ خروج
الوقتِ، ولم يكنْ أحدٌ منهم يصلِّي الجمُعةَ لوقتِها، وفي ذلك مفاسدُ كثيرةٌ
تسقطُ الجمعةُ بخشيةِ بعضِها.
وفي "تهذيبِ المدونةِ" للمالكيةِ: وإذا أتى من تأخيرِ الأئمةِ ما يُسْتنكَرُ
جمَّعَ الناسُ لأنفسِهم إن قدرُوا، وإلا صلَّوا ظهرًا، وتنفلُوا بصلاتِهم معَهم.
قال: ومَن لا تجبُ عليه الجمعةُ مثلُ المرضَى والمسافرينَ وأهلِ السجنِ


الصفحة التالية
Icon