ونذكرُ اللَّهَ عزَّ وجلَّ، ونصلّي ونشكرهُ - أو كما قالوا -، فقالوا: يومُ السبتِ لليهودِ، ويومُ الأحدِ للنصارَى، فاجعلُوا يومَ العروبةِ، وكانوا يسمُّون يوم الجمعة: يومَ العروبةِ، فاجتمعُوا إلى أسعدَ بنِ زرارةَ، فصلَّى بهم وذكَّرَهم، فسمَّوه: يومَ الجمُعةِ حينَ اجتمعُوا إليه، فذبحَ أسعدُ بنُ زرارةَ لهم شاةً، فتغدَّوْا وتعشَّوْا من شاهِ واحده ليلتَهم، فأنزلَ اللَّهُ بعدَ ذلك:
(إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكرِ اللَّهِ).
فوقعَ في كلام الإمامِ أحمدَ: أن هذه هي الجمُعةُ التي جمعَها مصعبُ بنُ
عميرٍ، وهي التي ذكرَها كعبُ بنُ مالكٍ في حديثه، أنهم كانُوا أربعينَ رجلاً.
وفي هذا نظرٌ.
ويحتملُ أن يكونَ هذا الاجتماعُ منَ الأنصارِ كانَ باجتهادِهم قبلَ قدومِ
مصعب إليهم، ثم لمَّا قدمَ مصعب عليهم جمَّع بهم بأمرِ النبيِّ - ﷺ -، وكانَ الإسلامُ حينئذ قد ظهرَ وفَشَا، وكان يمكنُ إقامةُ شعارِ الإسلامِ في المدينةِ، وأما اجتماعُ الأنصارِ قبلَ ذلكَ، فكانَ في بيت أسعدَ بنِ زرارةَ قبل ظهورِ الإسلامِ بالمدينةِ وفشوِّهِ، وكانَ باجتهادٍ منهم، لا بأمرِ النبيِّ - ﷺ -.
واللَّهُ سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
[قال البخاري] : باب مِنْ أيْنَ تُؤتَى الجُمُعةُ، وعلَى مَنْ تجِبُ؟
لقوْلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ).


الصفحة التالية
Icon