ونقله ابنُ منصورٍ، عن إسحاقَ بنِ راهويه صريحًا.
وعن أحمدَ، أنه قال: أخافُ أن يحرمَ البيعُ، وإن أذن قبل الوقت.
ومجردُ الشروع في الأذانِ يحرمُ به البيعُ عند أصحابِنَا والشافعيةِ؛ لأنه
صارَ نداءً مشروعًا مسمْونًا من سنةِ الخلفاءِ الراشدين.
قال أصحابُنا: ولو اقتصر عليه أجزأ، وسقطَ فرضُ الأذانِ.
وعند أصحابِ الشافعيِّ: يحرمُ البيعُ بمجردِ الشروع في النداءِ الثانِي بين
يديِ الإمامِ، إذا كانَ قاطعًا عن السعي، فاما إن فعلَه وهو ماشٍ في الطريقِ
ولم يقفْ، أو هو قاعدٌ في المسجد كُره ولم يَحرمْ.
وهذا بعيدٌ، والتبايعُ في المسجدِ بعدَ الأذانِ يجتمعُ فيه نهيانِ؛ لزمانِهِ
ومكانهِ، فهو أولى بالتحريمِ.
المسألةُ الرابعةُ: حكِىَ عن الزهريِّ: أن المسافرَ إذا سمعَ النداءَ للجمعةِ، فعليه أن يشهدَها، وقد سبقَ ذكرُ ذلكَ عنه، وعن النخعيِّ والأوزاعيَ وعن عطاءٍ: أن عليه شهودَها، سمعَ الأذَان أو لم يسمعْه، وأن الجمهورَ على خلافِ ذلكَ.
وهل للمسافرِ أن يبيعَ ويشتريَ في المصِر بعدَ سماع النداءِ؛ فيه اختلافٌ
بينَ أصحابِنا، يرجعُ إلى أنَّ من سقطتْ عنه الجمعةُ لعذرٍ، كالمريضِ: هل له
أن يبيع بعد النداءِ، أم لا؛ فيه روايتانِ عن أحمدَ.
وأما من ليس مِن أهلِ الجمعةِ بالكلِّية، كالمرأة، فلها البيعُ والشراءُ بغيرِ
خلافٍ، وكذا العبدُ، إذا قلنا: لا يجبُ عليه الجمعةَ.
* * *


الصفحة التالية
Icon