ووافقَه المُزَني، وهو وجهٌ لأصحابِنا.
وقالَ أبو حنيفةَ: إنِ انفَضوا قبلَ أن يسجدَ في الأولى فلا جمُعةَ لهم، وإنْ
كان قد سجَدَ فيها سجدةَّ أَتمُّوها جمعةً.
وقال صاحباه: بل يتمونَها جمعةً بكلّ حالٍ، ولو انفضُّوا عقبَ تكبيرةِ
الإحرامَ.
ومذهبُ الشافعيّ - في الجديد - وأحمدَ والحسنِ بنِ زيادٍ: أنه لا جمعة
لهم، حتى يكملَ العددُ في مجموع الصلاةِ.
قال أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ بنُ جعفرٍ: لم يختلفْ قولُ أحمدَ في ذلك.
وقد وجدتُ جوابًا آخرَ عن حديثِ جابرِ، وهو: أن النبيَّ - ﷺ - كانَ قد صلَّى بأصحابه الجمُعةَ، ثم خطبَهم فانفضُّوا عنه في خطبِته بعدَ صلاةِ الجمُعةِ، ثم إنَّ النبي - ﷺ - بعدَ ذلكَ قدَّم خطبَة الجمُعَة على صلاتِها.
فخرج أبو داودَ في "مراسيلِه " بإسنادِه، عن مقاتلِ بنِ حيانَ، قال: كان
رسولُ اللَّهِ - ﷺ - يصلِّي الجمُعَةَ قبل الخطبةِ مثلَ العيدِ، حتَّى إذا كان يومُ جمُعةٍ والنبيُّ - ﷺ - يخطبُ، وقد صلَّى الجمعةَ، فدخلَ رجلٌ، فقالَ: إن دِحيةَ بنَ خليفةَ قد قدمَ بتجارتهِ - وكان دحيةُ إذا قدمَ تلقَّاه أهلُه بالدفافِ -، فخرجَ الناسُ، لم يظنُّوا إلا أنه ليس في تركِ الخطبةِ شيءٌ، فأنزل اللَّهُ عزَّ وجلَّ:
(إَذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا)، فقدَّمَ النبيُّ - ﷺ - الخطبةَ يومَ الجمعةِ، وأخرَ الصلاة.
وهذا الجوابُ أحسنُ مما قبلَه.