"لا تتَّهِم اللَّهَ في قضائهِ "
قالَ أبو الدرداءِ: إنَّ اللَّه إذا قضى قضاءً أحبَّ أن يُرضى به.
وقال ابنُ مسعودٍ: إنَّ اللَّهَ بقسطه وعدلهِ جعلَ الرَّوحَ والفرحَ في اليقينِ والرِّضَا، وجعلَ الهمَّ والحزنَ في الشكًّ والسَّخَطِ؛ فالرَّاضي لا يتمنَّى غيرَ ما هو عليه من شدَّة ورخاءٍ.
كذا رُوِيَ عَنْ عمر وابنِ مسعود وغيرِهما.
وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ:
أصبحتُ ومالي سرورٌ إلا في مواضع القضاءِ والقدرِ.
فمن وصلَ إلى هذه الدرجةِ، كان عيشُه كلُّه في نعيم وسرورٍ، قالَ
تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً).
قال بعضُ السَّلَفِ: الحياةُ الطيبةُ: هي الرِّضا والقناعةُ.
وقال عبدُ الواحدِ بنُ زيد: الرِّضا بابُ اللَّهِ الأعظم وجنةُ الدُّنيا ومستراحُ العابدين.
وأهلُ الرِّضا تارةً يلاحظون حكمةَ المبتلي وخيرتَه لعبدهِ في البلاءِ، وأنَّه
غيرُ متّهم في قضائهِ، وتارةً يُلاحظون ثوابَ الرِّضا بالقضاءِ، فيُنسيهم ألمَ
المقضي به، وتارةً يُلاحظون عظمةَ المبتلي وجلالَه وكمالَه، فيستغرقُونَ في
مشاهدةِ ذلك، حتَّى لا يشعرُونَ بالألم، وهذا يصلُ إليه خواص أهل المعرفة
والمحبَّةِ، حتَّى ربَّما تلذَّذوا بما أصابَهم لملاحظتهم صدُوره عن حبيبهم، كما
قالَ بعضُهم: أوجدَهم في عذابهِ عذوبةً.
وسُئلَ بعضُ التابعينَ عن حاله في مرضهِ، فقالَ: أحبُّه إليَّ.
وسُئلَ السريُّ: هل يجدُ المحبُّ ألمَ البلاءِ؟
فقالَ: لا. وقال بعضُهم: