رئي بعضُ الصالحين في المنامِ بعدَ موتِهِ، فقال: نحنُ بحمدِ الله في برزخ
محمودٍ، نفترشُ فيه الريحانَ ونوسدُ فيه السندسَ والإستبرقَ إلى يوم النشور.
رئي بعضُ الموتى في المنامِ فسُئلَ عن حالِ الفُضيل بن عياضٍ، فقال: كُسي
حلَّةً لا تقومُ لها الدنيا بحواشِيها.
فأمَّا عيشُ المتقين في الجنَّة فلا يحتاج أنْ يسألَ عن طيبِهِ ولذتِهِ، ويَكْفِي في
ذلك قولُهُ تعالى: (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢).
ومعنى راضية: أي: عيشة يحصلُ بها الرِّضى.
وفسَّر ابنُ عباسٍ: هنيئًا: بأنه لا موتَ فيها يُشيرُ إلى أنَّه لم يهنهم العيشُ
إلا بعد الموتِ والخلودِ فيها.
قال يزيدُ الرقاشيُ: أمِنَ أهلُ الجنةِ الموتَ فطابَ لهم العيشُ، وأمنُوا من
الأسقامِ فهنيئًا لهم في جوارِ اللَّه طولُ المقام.
وقال اللَّه تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّات وَعُيُونٍ).
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) إلى آخرها.
أدنى أهلِ الجنةِ
منزلةً من ينظرُ في ملكِهِ وسُررِه وقصورِه مسيرةَ ألفي عام، يرى أقصَاه كما
يرى أدناه، وأعلاهُم من ينظرُ إلى وجهِ ربِّه بكرةً وعشيا.
وقال طائفة من السلفِ: إن المؤمن له بابٌ في الجنة من داره إلى دارِ
السلامِ، يدخلُ على ربِّه إذا شاء بلا إذنٍ.
قال أبو سليمان الدارانيُّ: وإذا أتاه رسول من ربِّ العزَّةِ بالتحيةِ والقُطفِ
فلا يصل إليه حتى يستأذنَ عليه يقول للحاجبِ: استاذنْ لي على وليِّ اللَّه.
فإني لستُ أصلُ إليه. فيُعلم ذلك الحاجبُ حاجبًا آخر حتى يصلَ إليه فذلك