وهدا الحديثُ ممَّا أرسله ابنُ عباسٍ، ولم يسمِّ من حدَّثه به من الصحابة.
ويحتملُ أنه سمعه من النبيِّ - ﷺ - يحكي عن نفسِهِ.
واللَّهُ أعلم.
وسوقُ عكَاظ نحو نخلة، كان يجتمعُ فيه العربُ، ولهم فيه سوقٌ، فكان
النبيُّ - ﷺ - يخرجُ إليهم، فيدعُوهم إلى اللَّه عزَّ وجلَّ، وقد كانتِ الشهبُ يُرمَى بها في الجاهلية، وإنَّما كثرتْ عندما بعث النبيُّ - ﷺ -.
وقد قالَ السُّديُّ وغيرُه: إنَّ السماءَ لم تحرسْ إلا حيث كان في الأرضِ نبيٌّ
أو دينٌ للَّه ظاهر.
والمقصودُ من هذا الحديثِ هاهنا: أن الشياطينَ لما مروا بالنبيِّ - ﷺ - وهو يصلِّي بأصحابه صلاةَ الصبح، وقفُوا واستمعُوا القرآنَ. وهذا يدلُّ على أنَّه - ﷺ - كان يجهرُ بالقراءةِ في صلاةِ الصبح، فلمَّا سمعُوا عرفوا أنَه هو الذي حال بينهم وبين خبرِ السماءِ.
وظاهرُ هذا السياقِ: يقتضي أن الشياطينَ آمنُوا بالقرآنِ، وكذا قالَ السُّديُّ
وغيرُه.
وقد اختُلِفُ في الجنِّ والشياطينِ: هل هم جنسٌ واحدٌ، أو لا؟
فقالت طائفةٌ: الجن كلُّهم ولدُ إبليسَ، كما أن الإنسَ كلَّهم ولدُ آدمَ.
رُوي هذا عن ابن عباس من وجهٍ فيه نظرٌ. وأنّهم لا يدخلون الجنةَ.
ورُوي - أيضًا - عن الحسنِ، وأنَّه قالَ: مؤمنُهم وفيٌ للَّه وله الثوابُ
ومشركُهُم شيطانٌ له العقابُ.
وقالت طائفة: بلِ الشياطينُ ولدُ إبليسَ، وهم كفار ولا يموتون إلا معَ