ورُوي ذلك أيضًا عن جابرٍ، ووابصةَ بنِ معبدٍ، ونُبيطِ بنِ شَريطٍ.
وغيرِهم، عن النبي - ﷺ -، وهذا كلُّه يدلُّ على أنَّ شهرَ ذي الحجَّة أفضلُ الأشهرِ الحُرُمِ، حيثُ كان أشدَّهَا حُرْمةً.
وقد رُوي عن الحسنِ: أنًّ أفضلها المحرَّم، وسنذكرُهُ عند ذِكْرِ شهرِ المُحَرَّم، إن شاء اللَّه تعالى.
وأمَّا من قال: إنَّ أفضلَها رجبٌ فقولُهُ مرْدُود.
ولِعَشْرِ ذي الحجة فضائلُ أُخرُ غيرَ ما تقدَّم.
فمنْ فضائلِه: أنَّ اللَّه تعالى أقسَمَ به جُملةً، وببعضِه خُصوصًا، قال تعالى:
(وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢).
فأمَّا الفجرُ فقيل: إنه أراد جنسَ الفجر، وقيل: المرادُ طلوعُ الفجر، أو صلاةُ الفجر، أو النَّهارُ كلُّه.
فيه اختلافٌ بين المفُسّرين، وقيلَ: إنه أريد به فَجْرٌ مُعَيَّنٌ.
ثُمَّ قيل: إنه أُرِيدَ به فجرُ أوَّلِ يومٍ من عَشر ذي الحجَّة.
وقيل: بل أرِيدَ به فجرُ آخرِ يومٍ منه، وهو يومُ النَّحْرِ، وعلى جميع هذه الأقوالِ، فالعَشْرُ يشتملُ على الفجرِ الذي أقْسَمَ اللَّهُ به.
وأمَّا "الليالي العشر" فهي عشر ذي الحجة، هذا الصحيحُ الذي عليه
جُمهور المُفسِّرين منَ السلفِ وغيرِهم، وهو الصحيحُ عن ابنِ عباس.
روي عنه مِنْ غيرِ وجه والروايةُ عنه: "أنه عشرُ رمضان " إسنادُها ضعيف.
وفيه حديثٌ مرفوعٌ خرَّجه الإمامُ أحمدُ، والنسائيُّ في "التفسيرِ" منْ
روايةِ زيدِ بنِ الحُبابِ حدَّثنا عيَّاشُ بنُ عُقبة، حدَّثنا خيرُ بنُ نُعيم، عن أبي
الزُّبير، عن جابر، عن النبي - ﷺ - قال:
"العَشْرُ عشْرُ الأضْحَى، والوَتْرُ يومُ عرفة، والشَّفع يومُ النَّحْرِ"
وهو إسناد حسنٌ.