منَ الدنيا، فانتُزِعَ ما في يديه، فجعل يحمَدُ اللَّه عزَّ وجلَّ، ويُثني عليه.
حتَّى لم يكنْ له فراشٌ إلا بوري فجعلَ يحمدُ اللَّهَ، ويُثني عليه، وبُسِطَ
لآخرَ من الدنيا، فقال لصاحبِ البُوري (١) : أرأيتك أنتَ على ما تحمدُ اللَّهَ عزَّ وجلَّ؟
قال: أحْمَدُهُ على ما لو أُعْطِيتُ به ما أعْطيَ الخلْقُ، لم أُغطِهِمْ إيَّاه.
قال: وما ذاك؟
قال: أرأيت بصرَك؟ أرأيتَ لسانَك؟ أرأيتَ يديك؟ أرأيتَ
رجلَيْك؟
وبإسنادِهِ عن أبي الدرداءِ أنه كان يقولُ: الصحَّةُ غِنى الجسدِ.
وعن يونسَ بنِ عبيدٍ: أنَّ رجلاً شكا إليه ضيقَ حالِهِ، فقال له يونسُ:
أيسُرُّك أنَّ لك ببصرِك هذا الذي تُبْصِرُ به مائةَ ألف درهم؟
قال الرجل: لا.
قال: فبرجليك؟
قال: لا، قال: فذكَّره نِعَمَ اللَّه عليه، فقال يونسُ: أرى
عندك مِئين ألوفٍ وأنت تشكو الحاجةَ.
وعن وهبِ بنِ مُنبِّهٍ، قال: مكتوبٌ في حكمةِ آلِ داودَ: العافيةُ المُلك
الخفيُ.
وعن بكرٍ المزنيِّ، قال: يا ابنَ آدمَ، إنْ أردتَ أنْ تعلم قدرَ ما أنعم اللَّه
عليك، فغمِّض عينيك.
وفي بعض الآثارِ: كم منْ نِعمَةٍ للَّه في عرقٍ ساكنٍ.
وفي "صحيح البخاري" عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ - ﷺ - قال: "نعْمتانِ مغْبُون فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصحَّةُ والفراغُ ".

(١) البوري: هو الحصير المنسوج.


الصفحة التالية
Icon