السورةِ معهُ بقوله: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُتَي اللَّيْلِ) الآية.
إلى قوله: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرآنِ)، فنُسِخَ قيامُ الليل، أو نصفه، أو أقل، أو أكثر بما تيسَّر.
قالَ الشافعيُّ: ويقال نُسخ ما وُصف في المزمل بقولهِ اللَّهِ عزَّ وجل: (أَقِمِ
الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ودلوكُ الشمس: زَوالُها (إِلَى غَسَقِ اللَّيْل) العَتمَة
(وَقُرانَ الْفَجْرِ) الصبح (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ)
فأعلمه أنَّ صلاةَ الليل نافلةٌ لا فريضة، وأن الفرائض فيما ذكرَ من ليلٍ أو
نهار.
قال: ويُقال في قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: (فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُون) المغربُ
والعشاءُ (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) الصبحُ (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيا) العصرُ (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) الظهرُ. انتهى.
وقد رُوي عن طائفةٍ من السَّلفِ تفسيرُ هاتينِ الآيتينِ بنحوِ ما قالَه
الشافعي، فكلُّ آيةٍ منهما متضمِّنةٌ لذكر الصلواتِ الخمسِ، ولكنَّهما نزلتا بمكةَ بعدَ الإسراءِ. واللَّهُ أعلم.
وقد أجمعَ العلماءُ على أنَّ الصلواتِ الخمسِ إنَما فُرضَتْ ليلةَ الإسراءِ.
واختلفوا في وقتِ الإسراء:
فقيل: كانَ بعدَ البعثةِ بخمسةَ عشرَ شهرًا، وهذا القولُ بعيدٌ جدًّا.
وقيل: إنَّه كان قبلَ الهجرةِ بثلاثِ سنين، وهو أشهرُ.
وقيل: قبلَ الهجرةِ بسنةٍ واحدةٍ.
وقيل: قبلَها بستةِ أشهرٍ.