المقابلةُ للسيئاتِ، ويُنظرُ إلى ما يفضُلُ منها بعدَ المقاصةِ، وهذا يُوافقُ قولَ منْ
قال: بأنَّ من رجحتْ حسناتُه على سيئاته بحسنة واحد أُثيبَ بتلكَ الحسنةِ
خاصة، وسقطَ باقِي حسناتِهِ في مقابلةِ سيئاتِهِ، خلافًا لمن قالَ: يُثابُ
بالجميع، وتسقُط سيئاته كأنَّها لم تكنْ.
وهذا في الكبائرِ، أمَّا الصغائرُ، فإنَه قد تُمحى بالأعمالِ الصالحةِ مع بقاءِ
ثوابهِا، كما قالَ - ﷺ -: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفعُ به الدرجاتِ:
إسباغُ الوضوء على المكارِهِ، وكثرةُ الخطا إلى المساجدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاةِ".
فأثبتَ لهذهِ الأعمالِ تكفيرَ الخطَايا ورفعَ الدرجات.
وكذلكَ قولُه - ﷺ -:
"مَنْ قالَ: لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له مائة مرة، كتبَ له
مانةُ حسنةٍ، ومُحيتْ عنه مِائة سينةٍ، وكانتْ لة عدلَ عشرَ رقابٍ ".
فهذَا يدل على أن الذكرَ يمحُو السيئاتِ، ويبقَى ثوابه لِعاملِهِ مضاعَفًا.
وكذلك سيئاتُ التائبِ توبةً نصُوحًا تُكفرُ عنهُ، وتبقى له حسناتُه، كما قالَ
اللَّهُ تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦).
وقالَ عزَّ وجل: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥).