ففرقُوا بين تركِها وبينَ صلاتِها بعدَ وقتِها.
وقدْ أمرَ النبيُّ - ﷺ - بالصلاةِ خلفَ منْ أخبرَ أنه يضيعُ الصلاةَ ويُصلِّيها لغيرِ وقتِها، وهذا يدلُّ على أنَّ صلاتَهم صحيحةٌ.
وقد سُئِلَ عنِ الأمراءِ وقتَالِهم؟
قالَ: "لا، مَا صَلَّوا، وكانتْ علَى هذا الوجهِ ".
فدلَّ على إجزائِها.
قيل: السهوُ عن مواقيتِ الصَّلاةِ لا يستلزمُ تعمد التأخيرِ عنِ الوقتِ
الحاضرِ، فإنَّه قدْ يقعُ على وجهِ التهاونِ بتأخيرِ الصلاةِ حتَّى يفوتَ الوقتُ -
أحيانًا - عن غيرِ تعمدٍ لذلك، وقد يكونُ تأخيرُها إلى وقتِ الكراهةِ، أو إلى
الوقتِ المشتركِ الذي يجمعُ فيه أهلُ الأعذارِ عندَ جمهورِ العلماءِ، وغيرُهم
على رأي طائفة من المدنيين.
وهذه الصلاةُ كلُّها مجزِئةٌ، ولا يكونُ المصلِّي لها كالتاركِ بالاتفاقِ -
وقد سُئَلَ سعيدُ بنُ جُبير، عن قوله: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ).
فدخلَ المسجدَ، فرأَى قومَّاً قد أخَّروا الصلاةَ، لا يُتمُّونَ
رُكُوعًا ولا سجُودًا، فقالَ: الذي سألْتَني عنهُم هُم هؤلاء.
وهذه الصلاةُ مثلُ الصلاةِ التي سمَّاها النبيُّ - ﷺ -: "صلاة المنافقين ".
وهكذا كانتْ صلاةُ الأمراءِ الذين أمرَ النبيُّ - ﷺ - بالصلاةِ خلفهم نافلةً، فإنَّهم كانوا يُؤخِّرُون العصرَ إلى اصفرارِ الشَّمسِ، ورُبَّما أخَّرُوا الصلاتينِ إلى ذلك الوقتِ، وهو تأخير إلى الوقتِ المشتركِ لأهلِ الأعذارِ، وكغيرِهم عندَ طائفةٍ من العلماءِ.
فليسَ حُكمهُم حكمَ منْ تركَ الصلاةَ؛ فإنَّ التاركَ هو المُؤخِّرُ عمدًا إلى